
بشراكة مع :
نادى المحامين الشباب بالجديدة
ومركز المنارة للدراسات والأبحاث
تقدم
التقرير الختامي لأشغال الندوة الوطنية حول موضوع
الحماية القانونية للحياة الخاصة للأفراد
في التشريع المغربي
بعنوان
100
توصية علمية من أجل تحصين
الخصوصية والحياة الخاصة للأفراء في المغرب
جميع الحقوق محفوظة 2025
أشغال الندوة المنظمة يوم السبت 15 مارس 2025 عن بعد على الساعة 21:30 ليلا
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي
بشراكة مع :
نادي المحامين الشباب بالجديدة
ومركز المنارة للدراسات واألبحاث
تقدم
التقرير الختامي ألشغال الندوة الوطنية حول موضوع :
الحماية القانونية للحياة الخاصة لألفراد
في التشريع المغربي
بعنوان:
100
توصية علمية من أجل تحصين
الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
جميع الحقوق محفوظة 2025
أشغال الندوة المنظمة يوم السبت 15 مارس 2025 عن بعد على الساعة 21:30 ليل
بالصفحة الرسمية للفايسبوك ألكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي
تقديم:
بسم الله الرحمان الرحيم والصلة والسلم على أشرف الخلق وخير المرسلين
نظمت هذه الندوة لمناقشة موضوع الحماية القانونية للحياة الخاصة لألفراد
ُ
والخصوصية في التشريع المغربي، وخصوصا بتزامن ذلك مع النقاش الرائج حول تعديل
مقتضيات مجموعة القانون الجنائي.
فانطلقا من كون التشريع الجنائي يتعلق بحريات األفراد وأفعالهم وسلوكياتهم
داخل المجتمع، عن طريق إما تقييدها وزجرها أو توسيعها والسماح بها، وانطلقا من
كون أن فلسفة التجريم ليس هي العقاب في حد ذاته وإنما هو التجريم نفسه، بحيث
عندما يقوم المشرع بتجريم فعل أو سلوك معين فإنه ينسحب من تنظيم ذلك الفعل
وآثاره في قوانين أخرى .
فإنه من اللزم وقبل وضع أي تشريع جنائي في وسط اجتماعي ما، أن نرى قابلية ذلك المجتمع
واستعداده ومن منظوره الخاص لتلقي أي نص قانوني يبيح فعل ما أو يجرمه.
وبذلك قد أثار موضوع الحياة الخاصة لألفراد نقاشا حادا وواسع تضاربت فيه اآلراء
والتوجهات ومن كل األوساط والشرائح والمراكز كل حسب خلفياته وتوجهاته
الفكرية واإليديولوجية والدينية والثقافية والسياسية واالجتماعية.
وعندما نتحدث عن الحياة الخاصة لألفراد وخصوصياتهم فإننا بطبيعة الحال نتحدث
عن حرياتهم المختلفة وخصوصياتهم الشخصية وأفكارهم وميوالتهم واختياراتهم
سواء تعلق األمر بعلقة األفراد بين بعضهم البعض أو تعلق األمر بطريقة لباسهم أو
أكلهم أو طريقة التعبير عن اختياراتهم الفردية، وكذلك حرمة مسكنهم
وفضائهم الخاص التقليدي واالفتراضي الرقمي كذلك، وحتى في أماكن اشتغالهم،
وحرية مراسلتهم الشخصية وصورهم وفيديوهاتهم وكل بياناتهم…إلخ.
وبالتالي فإن هذا الموضوع بهذا الحجم غير محصور في مقتضيات القانون الجنائي وحدها
وهو الخطأ السائد، بل يتعدى ذلك كثيرا؛ كون المغرب عمد إلى حماية الحق في الحياة
الخاصة والخصوصية، من خلل إضفاء الطابع الدستوري الذي يتجلى من خلل الفصل 24
من الدستور المغربي الذي نص على أنه: “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. ال
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
2 / 47
تنتهك حرمة المنزل، وال يمكن القيام بأي تفتيش إال وفق الشروط واإلجراءات التي ينص
عليها القانون”. باإلضافة إلى المنظومة التشريعية األخرى التي يصان من خللها الحق في
حماية الحياة الخاصة والخصوصية، والتي تتمثل في العديد من القوانين نذكر منها
مجموعة القانون الجنائي، والقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه
معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر.
وعليه فإن هذا الموضوع طرح لمختلف المتدخلين إشكاليات عديدة، لكن جميعها
تتعلق أساسا بكيفية تنظيم المشرع الحق في الحياة الخاصة والخصوصية في واقع
اجتماعي متعدد التوجهات والخلفيات والمعتقدات؟
وكيفية خلق توازن صحي بين الحق في حماية الحياة الخاصة والخصوصية والحق في
حماية وضبط النظام العام الوطني بمختلف أنواعه؟ ومدى نجاعة اآلليات المؤسساتية
في صيانة البيانات والمعطيات الشخصية لألفراد؟
تفاصيل الندوة:
التاريخ والوقت: يوم السبت 15 مارس 2025 على الساعة 21:30 ليل.
المنظمون: أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي
بشراكة مع نادي المحامين الشباب بالجديدة ومركز المنارة للدراسات واألبحاث.
المنصة المستخدمة: Stremyard وتمت مشاهدة البث على الصفحة الرسمية
للفايسبوك ألكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي.
الجلسة االفتتاحية: افتتحت الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم وتحية النشيد
الوطني بعدها بكلمة ترحيبية من منسقها السيد سعيد عليد، حيث أكد على
أهمية الموضوع في السياق المغربي الحالي، كما ألقى رئيس أكاديمية دكالة
للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي السيد عبد الرحيم بنرحمون كلمة
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
3 / 47
ترحيب وشكر والتأكيد على أهمية الموضوع وراهنيته وحيويته خاصة في ظل
التداخل بين الحياة العادية والرقمية االفتراضية وما يطرح ذلك من تحديات أمام حماية
الحياة الخاصة والخصوصية، في ظل التغييرات التشريعية المرتقبة؛ كما ألقى بعد
ذلك مدير ومركز المنارة للدراسات واأل بحاث السيد رضوان العنبي كلمة شكر
وترحيب وأيضا تأكيده على أهمية موضوع الندوة على المستوى الوطني وال دولي انطلقا
من كون حماية واحترام الحياة الخاصة والخصوصية يعد من الحقوق الرئيسية الملزمة
لحياة اإلنسان، مؤكدا على أن ممارسة هذا الحق مقيدة بشكل كبير بعدم اإلضرار
بالغير، وأكد بدوره على أن الطفرة التكنولوجية والرقمية ومساهمتها في استهلك
ومعالجة البيانات الشخصية لألفراد وظهور أنماط جديدة للجريمة في الفضاء الرقمي
وأيضا على مستوى مواقع التواصل االجتماعي، أصبح ذلك يهدد الخصوصية من
مفهومها الواسع، ما يطرح العديد من التحديات الحديثة التي يجب التعامل معها
بكفاءة وحزم وجدية قصوى.
إمضاء:
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
4 / 47
الجلسات العلمية:
الجلسة األولى: برئاسة األستاذ محمد برهان الدين أستاذ باحث بجامعة
القاضي عياض.
تقرير: محمد الكارح: باحث بسلك الدكتوراه كلية الحقوق عين الشق
الدار البيضاء.
المداخلة األولى: مفهوم الحياة الخاصة في القانون المغربي.
المتدخلة: بشرى السالمي: طالبة باحثة بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
تطرقت هذه المداخلة إلشكالية تعريف الحق في الحياة الخاصة والمعايير القانونية
المحددة لنطاق الحياة الخاصة والخصوصية.
حيث لم يقدم المشرع المغربي تعريفا صريحا للحق في الحياة الخاصة، لكنه حدد بعض
المفاهيم المرتبطة به، مثل التدخل في الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي.
1 .تعريف التدخل في الحياة الخاصة
حدد المشرع المغربي التدخل في الحياة الخاصة في المادة 89 من القانون 88.13 المتعلق
بالصحافة والنشر، باعتباره كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه من خالل اختالق
ادعاءات أو نشر وقائع أو صور حميمية، ما لم تكن مرتبطة بالحياة العامة أو بتدبير الشأن
العام. ويشمل هذا التعريف مختلف الجوانب الشخصية، مثل السمعة والشرف والصورة.
ورغم ذلك، يرى بعض الباحثين أن هذا القانون يقتصر على الصحفيين والمؤسسات
الصحفية .
2 .تعريف المعطيات ذات الطابع الشخصي
وفق القانون ،09.08 تشمل المعطيات ذات الطابع الشخصي جميع المعلومات التي تحدد
هوية الشخص بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك البيانات الفيزيولوجية، الجينية،
االقتصادية، واالجتماعية. ويهدف هذا القانون إلى حماية البيانات الشخصية كجزء من
حماية الحياة الخاصة، مما أدى إلى تقارب بين مفهوم حرمة الحياة الخاصة وحماية
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
5 / 47
المعطيات الشخصية. كما وسع القانون نطاق الحماية ليشمل معلومات مثل األصول
العرقية، اآلراء السياسية، االنتماءات النقابية، والحالة الصحية.
المعايير القانونية لتحديد نطاق الحياة الخاصة
اعتمد المشرع المغربي عدة معايير لرسم حدود الحق في الحياة الخاصة، أهمها:
1 .التمييز بين الحياة العامة والخاصة
تُعرف الحياة العامة بأنها المجال االجتماعي الذي يدخل فيه الشخص في عالقات مع
اآلخرين، مثل حياته المهنية. ويعتبر نشر معلومات أو صور عن شخصية عامة ال يشكل
تدخال في حياتها الخاصة، طالما أن لها صلة بالحياة العامة أو بتدبير الشأن العام. كما
أكدت المادة 5 من قانون الصحافة على سرية مصادر الصحفيين، باستثناء القضايا
المتعلقة بأمن الدولة والحياة الخاصة لألفراد إذا لم تكن مرتبطة بالحياة العامة.
2 .التمييز بين المكان العام والخاص
المكان الخاص هو كل مكان غير مفتوح للجمهور وال يمكن دخوله إال بإذن، مثل المنازل،
المكاتب، وغرف الفنادق. وقد جرم الفصل 447-1 من القانون الجنائي التقاط أو تسجيل
أو بث صور أشخاص في أماكن خاصة دون موافقتهم. في المقابل، ال يعد الشاطئ مكانا
خاصا وفق االجتهاد القضائي الفرنسي.
3 .التمييز بين السرية والعالنية
يقوم هذا المعيار على طبيعة األقوال والمعلومات، فإذا كانت صادرة بشكل خاص أو سري،
فهي محمية بموجب القانون. وينص الفصل -1 447 من القانون الجنائي على معاقبة من
يقوم بالتقاط أو نشر معلومات خاصة دون موافقة أصحابها.
4 .معيار انعدام موافقة الشخص المعني
يُشترط في األفعال التي تمس الحياة الخاصة أن تتم دون رضا المعني باألمر. فإذا وافق
الشخص على نشر معلوماته أو صوره، فال تتحقق الجريمة. وقد اعتمد المشرع هذا المعيار
في الفصلين 447-1 و447-2 من القانون الجنائي، وكذلك في المادة 85 من قانون
الصحافة .
5 .معيار القصد الجنائي الخاص
يتطلب المشرع توافر نية المساس بالحياة الخاصة أو التشهير باألشخاص لقيام الجريمة،
كما في الفصل 447-2 الذي يعاقب على بث أو توزيع صور أو ادعاءات كاذبة بهدف
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
6 / 47
التشهير. وينطبق نفس المعيار في المادة 89 من قانون الصحافة، حيث يتم تشديد
العقوبة إذا كان الفعل مقترنا بقصد التشهير .
خالصة:
يضمن القانون المغربي حماية الحياة الخاصة من خالل تجريم التدخل فيها وفق معايير
محددة، تشمل التمييز بين الحياة العامة والخاصة، بين األماكن العامة والخاصة، وبين
السرية والعالنية، إضافة إلى شرط انعدام الموافقة والقصد الجنائي. ورغم هذه
الضمانات، يبقى التحدي في تحقيق توازن بين حماية الخصوصية وحرية التعبير، خاصة
مع التطور التكنولوجي والتقني.
المداخلة الثانية: منظور المجتمع المغربي لمفهوم الحياة الخاصة لألفراد.
المتدخل: سعيد عليد: طالب باحث بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
عالجت هذه المداخلة الموضوع من زاوية علم االجتماع القانوني؛ إذ تطرق المتدخل إلى
منظور مختلف شرائح المجتمع المغربي لمفهوم الحياة الخاصة والخصوصية لدى األفراد،
كل حسب خلفياته الفكرية والدينية واأليديولوجية والثقافية والسياسية واالجتماعية
المتشبع بها والتي تطفو في ساحة المجتمع، بحيث هناك اختالف وعدم اتفاق واضح على
تبني مفهوم موحد للحياة الخاصة والخصوصية قد نجده يختلف من منطقة جغرافية إلى
أخرى، حسب العادات والتقاليد واألعراف السائدة في تلك المنطقة، كما عرف هذا
الموضوع تطورا كبيرا مع الثورة الرقمية وانفتاح األفراد على استهالك الخدمات الرقمية
والواقع االفتراضي، األمر الذي سيطرح تحد حقيقي من المنظور القانوني للمشرع الجنائي
وهو يقوم بإعادة النظر في القانون الجنائي وكيف سيقوم بتبني مختلف التوجهات
المختلفة في نص جنائي واحد يطبق على الجميع باختالفهم، ال سيما وأن المشرع ال يتبنى
في النصوص الحالية مفهوما واضحا وصريح للحياة الخاصة والخصوصية، وهو ما يؤثر
كذلك حتى على التوجهات القضائية التي تفسر المفاهيم المرتبطة بالخصوصية والحياة
الخاصة بشكل مختلف حسب بيئة وظروف كل قضية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
7 / 47
المداخلة الثالثة: الحماية الجنائية لحرمة المسكن.
المتدخل: محمد القضيوي: محام بهيئة المحامين بالجديدة وباحث بسلك الدكتوراه في
القانون الخاص.
ملخص المداخلة:
تُعتبر حرمة المسكن من الحقوق األساسية المكفولة في التشريع المغربي، حيث يحظى
المسكن بحماية قانونية خاصة تضمن لألفراد الشعور باألمان والخصوصية في حياتهم
اليومية. وقد أقر المشرع المغربي هذه الحماية من خالل مجموعة من النصوص الدستورية
والقانونية التي تهدف إلى صيانة هذا الحق وضمان عدم انتهاكه إال وفق ضوابط محدد ة.
الحماية الدستورية لحرمة المسكن :
ينص الفصل 24 من الدستور المغربي على أن “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة.
ال تنتهك حرمة المنزل، وال يمكن القيام بأي تفتيش إال وفق الشروط واإلجراءات التي ينص
عليها القانون”. هذا النص يبرز األهمية التي يوليها المشرع لحرمة المسكن كجزء ال يتجزأ
من الحياة الخاصة لألفراد، ويؤكد على ضرورة احترام هذا الحق وعدم المساس به إال وفقًا
للقانون.
باإلضافة إلى ذلك، يضمن الفصل 21 من الدستور حق كل فرد في سالمة شخصه وأقربائه
وحماية ممتلكاته، مما يشمل حماية المسكن كمكان لإلقامة والعيش. كما أن الفصل 35
ينص على ضمان حق الملكية وعدم نزعها إال في الحاالت ووفق اإلجراءات التي ينص عليها
القانون، مما يعزز حماية المسكن كملكية خاصة.
الحماية القانونية لحرمة المسكن :
إلى جانب الحماية الدستورية، يوفر القانون المغربي حماية جنائية لحرمة المسكن من
خالل مجموعة من النصوص القانونية. فقد نص قانون المسطرة الجنائية على قواعد
صارمة فيما يتعلق بتفتيش المساكن، تختلف باختالف حالة الجريمة، سواء كانت في
حالة تلبس أو غير ذلك .
في حالة التلبس بالجريمة، يُسمح لضابط الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق أو وكيل
الملك بإجراء التفتيش دون الحاجة إلى إذن مسبق، ولكن بشرط احترام الضوابط التالية:
حضور صاحب المسكن أو من يمثله: يجب أن يتم التفتيش بحضور صاحب المنزل أو من
ينوب عنه، وإذا تعذر ذلك، يتم بحضور شاهدين من األشخاص الخاضعين لسلطة ضابط
الشرطة القضائية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
8 / 47
توقيت التفتيش: يجب أن يتم التفتيش بين الساعة السادسة صباحًا والتاسعة ليلًا، إال
في الحاالت االستثنائية التي يحددها القانون.
تفتيش النساء: في حالة وجود نساء في المسكن، يجب أن يتم تفتيشهن من قبل امرأة
تنتدبها السلطة المختصة، احترامًا لخصوصيتهن.
المحافظة على السر المهني: يتعين على ضابط الشرطة القضائية اتخاذ كل اإلجراءات
الالزمة للمحافظة على السر المهني، خاصة عند تفتيش األماكن المعدة لالستعمال المهني
كعيادات األطباء.
أما في الحاالت التي ال تكون فيها الجريمة في حالة تلبس، فإن تفتيش المساكن يتطلب
الحصول على إذن مسبق من الجهات القضائية المختصة، مع ضرورة احترام نفس الضوابط
المذكورة أعاله.
العقوبات المترتبة على انتهاك حرمة المسكن :
يُعاقب القانون المغربي بشدة على أي اعتداء يمس حرمة المسكن. فقد نص الفصل 441
من القانون الجنائي على معاقبة كل من دخل أو حاول دخول مسكن الغير باستخدام العنف
أو التهديد أو التدليس، بالسجن من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مالية. وإذا تم ارتكاب
الجريمة ليلًا أو باستخدام أدوات مثل التسلق أو الكسر، أو إذا كان الجاني يحمل سالحًا، فإن
العقوبة قد تصل إلى السجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثالث سنوات، وغرامة تصل إلى
500 درهم .
حرمة المسكن في التشريعات الدولية :
تُعتبر حرمة المسكن حقًا معترفًا به دوليًا، حيث تنص المادة 17 من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية على حق كل شخص في عدم التعرض لتدخل تعسفي أو غير
قانوني في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسالته، وعلى حقه في حماية القانون
من مثل هذا التدخل أو المساس. وقد صادق المغرب على هذا العهد، مما يجعل هذه
النصوص جزءًا من منظومته القانونية الوطنية.
خاتمة :
تُظهر النصوص الدستورية والقانونية المغربية التزام المشرع بحماية حرمة المسكن كجزء
أساسي من حقوق اإلنسان. وتُبرز هذه الحماية التوازن بين حقوق األفراد في الخصوصية
واألمان داخل مساكنهم، وبين متطلبات العدالة الجنائية في مكافحة الجريمة، مع التأكيد
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
9 / 47
على ضرورة احترام اإلجراءات القانونية والضمانات المقررة لحماية هذه الحقوق بل
وتعزيزها وعدم تجاوزها.
المداخلة الرابعة: التقاط المكالمات بين متطلبات تحقيق العدالة الجنائية والحق في
الخصوصية.
المتدخل: عبد الرحيم بنرحمون: طالب باحث بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
يُعتبر التقاط المكالمات الهاتفية إجراءً استثنائيًا تتخذه السلطات القضائية بهدف
مكافحة الجريمة وضمان تحقيق العدالة الجنائية. ومع ذلك، يثير هذا اإلجراء تساؤالت
حول مدى توافقه مع الحق في الخصوصية، الذي يُعد حقًا أساسيًا مكفولًا دستوريًا.
أوال: اإلطار القانوني اللتقاط المكالمات الهاتفية
في المغرب، ينظم قانون المسطرة الجنائية عملية التقاط المكالمات الهاتفية من خالل
المواد من 108 إلى .116 تنص المادة 108 على أن األصل هو منع التقاط المكالمات الهاتفية
أو االتصاالت المنجزة بوسائل االتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها. ومع
ذلك، يمكن لقاضي التحقيق، إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يأمر كتابة بالتقاط
المكالمات الهاتفية وكافة االتصاالت المنجزة بواسطة وسائل االتصال عن بعد وتسجيلها
وأخذ نسخ منها أو حجزها .
يُسمح بهذا اإلجراء في جرائم محددة تشمل المساس بأمن الدولة، الجرائم اإلرهابية،
الجرائم المتعلقة بالعصابات اإلجرامية، القتل، التسميم، االختطاف وأخذ الرهائن، تزييف
النقود أو سندات القرض العام، الجرائم المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية، األسلحة
والذخيرة والمتفجرات، وحماية الصحة .
ثانيا : الجهات المخولة بإصدار أمر التقاط المكالمات
يُمنح كل من قاضي التحقيق والوكيل العام للملك صالحية األمر بالتقاط المكالمات
الهاتفية، ولكن بشروط مختلفة:
قاضي التحقيق: يستطيع إصدار أمر مكتوب ومباشر بالتقاط المكالمات دون الحاجة إلى
موافقة مسبقة، وذلك في إطار التحقيقات التي يجريها .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
10 / 47
الوكيل العام للملك: في حاالت االستعجال القصوى ومخافة اندثار أدلة اإلثبات، يمكنه
إصدار أمر بالتقاط المكالمات، بشرط إشعار الرئيس األول لمحكمة االستئناف خالل 24
ساعة. يجب على الرئيس األول أن يصدر قرارًا بتأييد أو تعديل أو إلغاء هذا األمر خالل 24
ساعة من اإلشعار .
ثالثا: الضوابط والشروط اإلجرائية
لضمان قانونية عملية التقاط المكالمات، يجب االلتزام بالضوابط التالية:
الكتابة والتعليل: يجب أن يكون األمر بالتقاط المكالمات مكتوبًا ومُعللًا، متضمنًا جميع
العناصر التي تعرف بالمكالمة أو المراسلة المراد التقاطها، وذكر الجريمة التي تبرر ذلك .
تحديد المدة: يجب تحديد مدة عملية التقاط المكالمات، بحيث ال تتجاوز أربعة أشهر قابلة
للتجديد مرة واحدة .
تنفيذ العملية: يتم التقاط المكالمات من قبل أعوان مستخدمي المؤسسة التابعة لوصاية
الوزارة المكلفة باالتصاالت والمراسالت.
تحرير المحاضر: تقوم السلطة القضائية المكلفة بالتحقيق أو الشرطة القضائية المكلفة
من طرفها بتحرير محضر للعمليات التي تم إنجازها، يذكر تاريخ البداية والنهاية، وتوضع
في غالف مختوم، ويتم تدوين محتويات األشغال المفيدة إلظهار الحقيقة وذات الصلة
بالجريمة، ويضاف إلى ملف القضية .
رابع ا: الحق في الخصوصية وضماناته
يُعتبر الحق في الخصوصية من الحقوق الدستورية األساسية الالزمة للشخص الطبيعي،
حيث تحرص المجتمعات الديمقراطية على كفالة هذا الحق. وقد أكد الدين اإلسالمي على
حماية الخصوصية، حيث قال اهلل تعالى: “وَلَا تَجَسََّسُوا وَلَا يَغْتَب بََّعْضُكُم بَعْضًا” )سورة
الحجرات، اآلية 12(. كما نهى الرسول محمد صلى اهلل عليه وسلم عن التجسس واالغتياب .
ولضمان حماية هذا الحق، وضع المشرع المغربي ضوابط صارمة لعملية التقاط المكالمات،
بحيث تُعتبر أي مخالفة لهذه الضوابط تعديًا على خصوصية األفراد وتستوجب المساءلة
القانونية.
خامسا: التوازن بين تحقيق العدالة الجنائية وحماية الخصوصية
يُشكل التوفيق بين متطلبات تحقيق العدالة الجنائية وحماية الحق في الخصوصية تحديًا
كبيرًا. فمن جهة، تحتاج السلطات إلى أدوات فعّالة لمكافحة الجريمة وضمان أمن المجتمع،
ومن جهة أخرى، يجب حماية حقوق األفراد األساسية، بما في ذلك حقهم في الخصوصية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
11 / 47
ولتحقيق هذا التوازن، اعتمد المشرع المغربي إجراءات استثنائية مشروطة بضمانات
قانونية صارمة، تهدف إلى منع التعسف في استخدام تقنية التقاط المكالمات، وضمان
استخدامها فقط في الحاالت الضرورية وبما يتوافق مع القانون .
خاتمة:
يُعتبر التقاط المكالمات الهاتفية وسيلة هامة في مكافحة الجريمة وتحقيق العدالة
الجنائية، إال أن استخدامها يجب أن يكون محاطًا بضمانات قانونية تحمي حقوق األفراد في
الخصوصية. وقد حرص المشرع المغربي على وضع إطار قانوني ينظم هذا اإلجراء، لضمان
تحقيق التوازن بين متطلبات العدالة وحماية الحقوق األساسية للمواطنين.
المداخلة الخامسة: إثبات الجرائم المتعلقة بالحياة الخاصة لألفراد التحديات القانونية
والتقنية في العصر الرقمي.
المتدخل ة : مريم آيت الصغير: طالبة باحثة بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
في العصر الرقمي الحالي، أصبحت الجرائم المتعلقة بالحياة الخاصة لألفراد، مثل انتهاك
الخصوصية واالبتزاز اإللكتروني، أكثر شيوعًا وتعقيدًا. يُعَدَُّ إثبات هذه الجرائم تحديًا
قانونيًا وتقنيًا نظرًا للطبيعة الرقمية لألدلة وصعوبة تتبع الجناة. تستعرض هذه
المداخلة التحديات القانونية والتقنية المرتبطة بإثبات الجرائم المتعلقة بالحياة الخاصة
في العصر الرقمي، مع التركيز على األدلة الرقمية والتعاون الدولي .
أوال: التحديات القانونية
1 .تحديث التشريعات القانونية: تُعَدَُّ العديد من القوانين الحالية غير مالئمة لمواجهة
الجرائم الرقمية الحديثة، مما يستدعي تحديثها لتشمل تعريفات واضحة للجرائم
اإللكترونية وعقوباتها، وضمان قبول األدلة الرقمية في المحاكم .
2 .حماية الخصوصية وحقوق اإلنسان: يتطلب جمع األدلة الرقمية توازنًا دقيقًا بين
مكافحة الجريمة وحماية حقوق األفراد في الخصوصية. يجب أن تكون إجراءات جمع األدلة
متوافقة مع القوانين المتعلقة بحماية البيانات الشخصية لتجنب انتهاك حقوق اإلنسان.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
12 / 47
3 .التعاون الدولي: نظرًا للطبيعة العابرة للحدود للجرائم الرقمية، يصبح التعاون الدولي
ضروريًا. قد يؤدي غياب االتفاقيات الدولية أو اإلقليمية إلى صعوبة الوصول إلى األدلة
وتفتيش األنظمة المعلوماتية الموجودة خارج حدود الدولة .
ثانيا: التحديات التقنية
1 .سهولة التالعب باألدلة الرقمية: تُعتبر األدلة الرقمية عرضة للتالعب أو الحذف، مما
يثير تساؤالت حول مصداقيتها. يتطلب ذلك تقنيات متقدمة للتحقق من صحة األدلة
وضمان عدم تغييرها.
2 .التشفير وإخفاء الهوية: يستخدم المجرمون تقنيات التشفير وإخفاء الهوية لتعقيد
عملية تتبعهم وجمع األدلة ضدهم، مما يزيد من صعوبة التحقيقات .
3 .التطور السريع للتكنولوجيا: يتطلب مواكبة التطورات التكنولوجية المستمرة تدريبًا
مستمرًا للمحققين والقضاة على أحدث التقنيات المستخدمة في الجرائم الرقمية وأساليب
مكافحتها .
ثالثا: األدلة الرقمية في النظام القضائي
تُشك َّل األدلة الرقمية، مثل الرسائل اإللكترونية والمنشورات على وسائل التواصل
االجتماعي، عنصرًا حاسمًا في إثبات الجرائم المتعلقة بالحياة الخاصة. ومع ذلك، تواجه
هذه األدلة تحديات تتعلق بمصداقيتها وإمكانية قبولها في المحاكم. يجب أن يتم جمع
األدلة الرقمية وفقً ا لإلجراءات القانونية المعتمدة لضمان سالمتها وقبولها قضائيًا . رغم
أن القضاء أصبح في اآلونة األخيرة يقبل بهذه الوسائل كدليل لإلثبات مما يجب معه على
المشرع االعتراف بها بشكل مباشر كذلك .
رابعا: أمثلة من التشريعات الدولية
الواليات المتحدة: تُطب َّق قوانين مثل “قانون الخصوصية الرقمية” و”قانون الخصوصية”
لحماية البيانات الشخصية وتحديد كيفية استخدامها في التحقيقات الجنائية .
المملكة المتحدة: يُنظ َّم “قانون تنظيم صالحيات التحقيق” لعام 2000 صالحيات التحقيق
ويحدد كيفية استخدام األدلة الرقمية .
فرنسا: تُطب َّق قوانين مثل “قانون حماية البيانات الشخصية” لضمان حماية البيانات
وتحديد كيفية استخدامها في التحقيقات .
مصر: يُعتبر “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” رقم 175 لسنة 2018 إطارًا قانونيًا
لتحديد كيفية استخدام األدلة الرقمية في القضايا الجنائية .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
13 / 47
خاتمة:
يمثل إثبات الجرائم المتعلقة بالحياة الخاصة في العصر الرقمي تحديًا معقدًا يتطلب
تكاتف الجهود القانونية والتقنية؛ من خالل تحديث التشريعات، وتعزيز التعاون الدولي،
وتدريب الكوادر المختصة، يمكن مواجهة هذه التحديات بفعالية وضمان حماية الحياة
الخاصة لألفراد في ال بيئة الرقمية.
المداخلة السادسة: تأثير وسائل التواصل االجتماعي على خصوصية األفراد: التحديات
القانونية والتقنية.
المتدخلة: سلمى عوبيد: محامية متمرنة بهيئة الجديدة وطالبة باحث بسلك الدكتوراه،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
أضحت وسائل التواصل االجتماعي سالحًا ذا حدين، بين تعزيز التواصل من جهة، والمس
بخصوصية األفراد من جهة أخرى. هذه اإلشكالية، بما تحمله من أبعاد قانونية وتقنية،
تفرض علينا ضرورة التعمق في قراءتها ضمن إطار منظومتنا التشريعية الوطنية،
والبحث عن سبل تحقيق التوازن بين حرية التعبير وصون الحياة الخاصة.
وال شك أن التطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم خالل العقدين األخيرين، وما رافقه
من انتشار غير مسبوق لوسائل التواصل االجتماعي، قد أحدث تحوالت جوهرية في أنماط
الحياة والتواصل بين األفراد. فأصبحت هذه الوسائل تشكل فضاءً عامًا يتداخل فيه ما هو
شخصي بما هو علني، مما جعل الحياة الخاصة معرضة النتهاكات غير مسبوقة. إذ ان
الثورة الرقمية، جعلت من وسائل التواصل االجتماعي جزءًا ال يتجزأ من الحياة اليومية
لألفراد. وبالرغم من الفوائد العديدة لهذه الوسائل، مثل تعزيز التواصل وتبادل المعرفة،
إال أنها أضحت في الوقت ذاته فضاءً مفتوحًا النتهاك الخصوصية، حيث يتم نشر
المعلومات الشخصية واستغاللها بطرق غير مشروعة.
وفي هذا اإلطار، يبرز التساؤل األساسي الذي تسعى هذه المداخلة إلى معالجته: إلى أي مدى
تؤثر وسائل التواصل االجتماعي على خصوصية األفراد في ظل التشريع المغربي؟ وما هي
التحديات القانونية والتقنية التي تعترض تحقيق حماية فعلية للحياة الخاصة في البيئة
الرقمية؟
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
14 / 47
ولإلجابة على هذه اإلشكالية، ال بد أولًا من التوقف عند اإلطار القانوني المنظم للحياة
الخاصة في التشريع المغربي، ثم االنتقال إلى تحليل تأثير وسائل التواصل االجتماعي على
هذا الحق األساسي، قبل أن نتناول التحديات القانونية والتقنية التي تواجه حماية
الخصوصية في الفضاء الرقمي، لنخلص في األخير إلى مقترحات لتعزيز المنظومة
القانونية والتقنية الكفيلة بحماية المعطيات الشخصية لألفراد.
في هذا السياق، وانطالقًا من األهمية البالغة التي يكتسيها الحق في حماية الحياة
الخاصة، سيكون من الضروري أولًا التوقف عند اإلطار القانوني الذي يؤطر هذا الحق داخل
المنظومة التشريعية المغربية، وذلك لفهم أسسه وضوابطه قبل التعمق في اإلشكاليات
التي تطرحها وسائل التواصل االجتماعي في هذا المجال. وعليه، نستهل حديثنا
باستعراض اإلطار القانوني لحماية الحياة الخاصة في التشريع المغربي إن الحق في حماية
الحياة الخاصة يُعد من الحقوق األساسية التي كفلتها المواثيق الدولية، فقد نصت المادة
12 من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية على عدم جواز تعرض أي فرد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة. وعلى
المستوى الوطني، جاء الفصل 24 من دستور 2011 ليؤكد على هذا الحق، مشددًا على حماية
المعطيات الشخصية وسرية االتصاالت .
كما عزز المشرّع المغربي هذا الحق من خالل ترسانة قانونية مهمة، من بينها:
• القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي، والذي يضع مجموعة من الضوابط لتنظيم جمع البيانات ومعالجتها.
• القانون الجنائي المغربي الذي يتضمن مقتضيات تُجرّم المساس بالحياة الخاصة، ال
سيما فيما يتعلق بالتقاط الصور أو تسجيل المحادثات أو نشر معلومات شخصية دون إذن .
• القانون 20-05 المتعلق باألمن السيبراني، والذي يعزز الحماية ضد الجرائم
اإللكترونية، خاصة تلك التي تستهدف المعطيات الشخصية.
وفي هذا الصدد، شهد المغرب تزايدًا ملحوظًا في القضايا المعروضة على القضاء
والمتعلقة بسوء استخدام منصات التواصل االجتماعي. فبالرغم من اإليجابيات التي
توفرها هذه المنصات في تسهيل التواصل ونشر المعرفة، إال أنها باتت أيضًا أداة تُستغل
بشكل سلبي لإلضرار باألفراد وانتهاك خصوصيتهم. فقد أصدر القضاء المغربي أحكامًا
بالسجن والغرامة في حق عدد من األشخاص الذين تورطوا في مخالفات قانونية تتعلق
بنشر محتويات تمس بسمعة اآلخرين، أو تتضمن خطاب كراهية وتحريضًا على العنف، أو
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
15 / 47
ترتبط بعمليات ابتزاز إلكتروني. ويرجع هذا االرتفاع في عدد القضايا إلى عدة عوامل،
منها االنتشار الواسع لوسائل التواصل االجتماعي، وسهولة استخدامها، باإلضافة إلى
الدوافع المالية التي تحفز بعض المستخدمين على تحقيق الربح من خالل زيادة التفاعل
والمشاهدات، دون مراعاة الضوابط القانونية واألخالقية .
ولتفادي الوقوع تحت طائلة القانون، يجب على مستخدمي وسائل التواصل االجتماعي أن
يكونوا على دراية كاملة بالضوابط القانونية التي تحكم استعمال هذه المنصات، والتي
تشمل احترام حقوق اآلخرين وتجنب التشهير والقذف، واالمتناع عن نشر األخبار الكاذبة
أو الخطابات المحرضة على العنف والكراهية. كما تفرض القوانين المغربية عقوبات
مشددة على المخالفين، تتراوح بين الحبس والغرامات المالية، وفقًا لنوعية الجريمة
المرتكبة. فعلى سبيل المثال، يعاقَب مرتكبو جرائم التشهير اإللكتروني بالحبس من شهر
إلى سنة، وغرامة قد تصل إلى 100 ألف درهم، بينما تصل عقوبة االبتزاز اإللكتروني إلى
خمس سنوات حبسًا وغرامة مالية تصل إلى 200 ألف درهم .
إن هذه اإلجراءات القانونية تبرز أهمية تبني نهج مسؤول في استخدام وسائل التواصل
االجتماعي، حيث ينبغي على المستخدمين توخي الحذر عند مشاركة المعلومات، واحترام
حقوق اآلخرين، وااللتزام بالضوابط القانونية. ومن جهة أخرى، يتعين على السلطات
المختصة تعزيز اإلطار التشريعي المتعلق بحماية البيانات الشخصية، وتطوير آليات الرصد
والمراقبة الرقمية، لضمان حماية فعلية لخصوصية األفراد في البيئة الرقمية المتغيرة
باستمرار.
وبعد استعراض اإلطار القانوني لحماية الحياة الخاصة في التشريع المغربي، يصبح من
الضروري التطرق إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه هذا الحق في العصر الرقمي، أال وهو
تأثير وسائل التواصل االجتماعي على خصوصية األفراد. فقد أحدثت هذه المنصات نقلة
نوعية في طرق التواصل، لكنها في المقابل طرحت إشكاالت قانونية معقدة تتطلب
دراسة معمقة، وهو ما يدعونا إلى تسليط الضوء على أبرز هذه التحديات وانعكاساتها على
الحق في الخصوصية.
وفي هذا السياق، نجد أن تحديد مفهوم دقيق لمنصات التواصل االجتماعي من الناحية
القانونية ال يزال يشكل تحديًا حقيقيًا، نظرًا للطبيعة المتغيرة لهذه الوسائل والتعدد
الوظيفي الذي أصبحت تؤديه. فإذا كانت هذه المنصات قد نشأت في األصل كأدوات لربط
المستخدمين وتسهيل التفاعل االجتماعي، فقد توسع دورها اليوم ليشمل مجاالت أخرى
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
16 / 47
مثل النشر الرقمي، التسويق، اإلعالنات، وحتى تقديم الخدمات التجارية، مما يجعل
تكييفها القانوني أكثر تعقيدًا.
وأمام هذا الواقع، برزت ضرورة تحديد مسؤولية هذه المنصات تجاه المحتوى المنشور
عبرها، خاصة في الحاالت التي ينطوي فيها المحتوى على إساءة للغير أو انتهاك
للخصوصية. وقد حاول الفقه والقضاء التكيف مع هذه التطورات من خالل إخضاع منصات
التواصل االجتماعي للقوانين التقليدية المنظمة للصحافة والنشر، أو تلك المتعلقة بالبث
اإلذاعي والتلفزيوني، غير أن هذا التوجه أثبت محدوديته، نظرًا لالختالف الجوهري بين
طبيعة عمل وسائل اإلعالم التقليدية وطبيعة هذه المنصات الحديثة. وهو ما يستوجب
البحث عن إطار قانوني أكثر تخصصًا، يأخذ بعين اال عتبار الديناميكية السريعة لهذه
المنصات وتأثيرها المباشر على الحياة الخاصة لألفراد.
وما يزيد من تعقيد المسألة أن هذه المنصات أصبحت تعتمد على خوارزميات تحليل
البيانات، التي تتيح استهداف المستخدمين بمحتوى موجه بناءً على اهتماماتهم
وسلوكهم الرقمي. وهذا يطرح إشكاالت قانونية وأخالقية تتعلق بمدى احترام هذه
المنصات لحق األفراد في حماية خصوصيتهم، خاصة في ظل تزايد االعتماد على الذكاء
االصطناعي في جمع البيانات وتحليلها واستغاللها بطرق غير شفافة. لذا، يصبح من
الضروري تطوير قوانين تواكب هذا التطور، وتضمن تحقيق التوازن بين حرية التعبير من
جهة، وحماية المعطيات الشخصية من جهة أخرى.
وفيما يتعلق باإلطار التقني، فإن المشكلة ال تكمن فقط في ضعف التشريعات، بل أيضًا
في ضعف الوعي األمني لدى المستخدمين، حيث ال يدرك الكثيرون المخاطر المرتبطة
بمشاركة بياناتهم الشخصية عبر اإلنترنت. كما أن استخدام الذكاء االصطناعي في تحليل
السلوك الرقمي وجمع البيانات دون موافقة صريحة من أصحابها، يجعل المستخدمين
عرضة لالستغالل واالختراق دون أن يكون لديهم أي وسيلة فعالة لحماية خصوصيتهم.
ختامًا:
من الواضح ان حماية الحياة الخاصة في العصر الرقمي لم تعد مجرد مسألة نظرية، بل
أصبحت ضرورة ملحة تستوجب تكامل الجهود التشريعية والتقنية والتوعوية لضمان بيئة
رقمية تحترم الحقوق األساسية لألفراد. إن التحدي األكبر يكمن في إيجاد التوازن بين حرية
التعبير من جهة، وحماية الخصوصية من جهة أخرى، وهو ما يستدعي تحديث المنظومة
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
17 / 47
القانونية، وتعزيز آليات المراقبة، وترسيخ ثقافة الوعي الرقمي بين جميع فئات
المجتمع .
لذلك، فإن المسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق الجميع: المشرع، القضاء، المؤسسات
التقنية، والمجتمع المدني، للعمل سويًا على إرساء إطار قانوني حديث وفعال يواكب
التطورات المتسارعة في المجال الرقمي، ويضمن الحماية الفعلية لهذا الحق األساسي.
المداخلة السابعة: التشهير اإللكتروني بين حرية التعبير وانتهاك الخصوصية.
المتدخلة: ابتهال شديد: طالبة باحثة بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
يعتبر موضوع التشهير اإللكتروني بين حرية التعبير وانتهاك الخصوصية، موضوعا
يشغل بال القانونيين والقضاة والمجتمع ككل، خاصة مع االنتشار الواسع لوسائل
التواصل االجتماعي، التي جعلت من العالم قرية صغيرة، لكنها في الوقت نفسه فتحت
الباب أمام انتهاكات خطيرة للحياة الخاصة لألفراد.
في هذه المداخلة حاولنا اإلجابة على بعض األسئلة الجوهرية التي تتعلق بـ:
• ما هو التشهير اإللكتروني؟
• كيف يوازن القانون المغربي بين حماية حرية التعبير وصون الحياة
الخاصة؟
• وما هي اإلشكاالت العملية التي تواجه القضاء في التعامل مع هذه الجريمة؟
وذلك من خالل الحديث عن اإلطار القانوني واإلشكاالت العملية والتطبيقات القضائية .
المحور األول: اإلطار القانوني لحرية التعبير وحماية الخصوصية
أوال: حرية التعبير بين الحق والحدود القانونية
حرية التعبير من الحقوق األساسية التي نص عليها الفصل 25 من الدستور المغربي لسنة
،2011 والذي جاء فيه:
”حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها “.
لكن، وكما تعلمون، ال توجد حرية مطلقة، بل هي مقيدة بعدم المساس بحقوق وحريات
اآلخرين، ومنها الحق في الخصوصية وحماية السمعة.
إذن، متى تتحول حرية التعبير إلى جريمة؟
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
18 / 47
عندما يتم استخدام وسائل التواصل االجتماعي أو المنصات اإللكترونية لنشر معلومات
كاذبة، أو صور شخصية دون موافقة، أو تلفيق اتهامات تمس بسمعة األفراد، هنا يصبح
األمر تشهيرًا وليس مجرد تعبير عن الرأي.
ثانيا: الحماية القانونية للحياة الخاصة والتشهير اإللكتروني في التشريع المغربي
القانون المغربي يعترف بخصوصية األفراد ويحميها من أي انتهاك، وقد جاء ذلك في
الفصل 24 من الدستور، الذي ينص على أن:
”لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة “.
وإذا نظرنا إلى القانون الجنائي المغربي، نجد أن المشرع خصّص فصولًا واضحة لمعاقبة
التشهير اإللكتروني:
• الفصل :1-447 يعاقب بالسجن والغرامة كل من قام بالتقاط أو تسجيل أو
بث صور أو أقوال صادرة بشكل خاص دون إذن صاحبها.
• الفصل :2-447 يعاقب بالسجن من سنة إلى ثالث سنوات وغرامة تصل إلى
20 ألف درهم، على كل من قام بنشر أو توزيع صور أو معلومات شخصية دون موافقة
صاحبها، بقصد اإلضرار به.
• الفصل 778 من القانون الجنائي : يُعرّف القذف بأنه ”إسناد واقعة معينة
تمس شرف أو اعتبار شخص معين.“
إذن، القانون واضح في معاقبة كل من يستغل الوسائل اإللكترونية لإلضرار بسمعة
اآلخرين، ولكن… هل التطبيق القضائي دائمًا بنفس الفعالية؟
المحور الثاني: اإلشكاالت العملية والتطبيقات القضائية
أوال: التحديات التي يواجهها القضاء في قضايا التشهير اإللكتروني
بالرغم من وجود هذه النصوص القانونية، فإن هناك عدة إشكاالت عملية تعترض تنفيذ
القانون، ومن أبرزها:
-1 إثبات الجريمة :
في القضايا التقليدية، يمكن إثبات التشهير عبر الصحف أو التسجيالت، لكن في الفضاء
اإللكتروني، قد يكون من الصعب تحديد الفاعل الحقيقي، خاصة إذا كان يستخدم حسابات
مزيفة أو VPN إلخفاء هويته .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
19 / 47
-2 تضارب القوانين بين حرية التعبير وحماية الخصوصية :
في بعض الحاالت، قد يدعي المتهم أن نشره للمعلومات كان ضمن ”حرية الصحافة“ أو
”المصلحة العامة“، وهنا يكون على المحكمة الموازنة بين الحقين المتعارضين.
-3 صعوبة تنفيذ األحكام على المنصات الرقمية الدولية :
العديد من مواقع التواصل االجتماعي مسجلة في دول أخرى، مما يُصعّب إجبارها على
حذف المحتوى المسيء أو تقديم بيانات المستخدمين للسلطات القضائية المغربية .
ثانيا: قضايا عملية من المغرب
1 .قضية ”حمزة مون بيبي“
هذه من أشهر قضايا التشهير اإللكتروني في المغرب .
بدأت القصة بحساب على ”إنستغرام“ ينشر صورًا ومعلومات خاصة عن مشاهير
وشخصيات عامة دون إذن، ويقوم بابتزازهم .
بعد تحقيقات طويلة، تمكنت السلطات المغربية من توقيف عدة أشخاص، من بينهم
شخصيات معروفة.
المحكمة أدانت المتهمين بعقوبات وصلت إلى السجن والغرامات المالية، وفقًا للفصل
447-2 من القانون الجنائي.
هذه القضية أبرزت مدى خطورة التشهير اإللكتروني وأهمية التصدي له بحزم .
الخاتمة :
إن التشهير اإللكتروني جريمة تهدد األفراد والمجتمع، وتتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية
حرية التعبير وصون الحقوق الشخصية. رغم وجود إطار قانوني في المغرب، ال تزال هناك
تحديات عملية تحتاج إلى حلول أكثر فاعلية. علينا جميعًا، كقانونيين وممارسين، أن
نعمل على تطوير القوانين وتوعية المجتمع بمخاطر هذه الجريمة.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
20 / 47
الجلسة الثانية: برئاسة األستاذ عبد الرحيم بنرحمون رئيس أكاديمية
دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي.
تقرير: األستاذ عبد اإلله معداد: محام متمرن بهيئة الجديدة وباحث بسلك
الدكتوراه كلية الحقوق سطات.
المداخلة األولى: حماية الحياة الخاصة لألجير.
المتدخل: محمد برهان الدين: أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض، ومعاد لخيار: دكتور في
القانون الخاص.
ملخص المداخلة:
تعتبر حماية الحياة الخاصة لألجراء من المواضيع التي أصبحت تحظى باهتمام متزايد من
لدن الفقه والقضاء، وال سيما مع التطور التكنولوجي السريع الذي أصبحت معه خصوصية
األجراء منتهكة بشكل غير مسبوق. ومرد ذلك إلى تزايد استخدام التكنولوجيا الحديثة في
تنفيذ العمل المأجور ومراقبته.
وتعزى أهمية حماية الحياة الخاصة لألجراء في تحقيق نوع من التوازن بين مصلحة
المشغل في ضمان األداء األمثل لألجراء وبين حق هؤالء األخيرين في حماية حياتهم
الخاصة من أي تدخالت غير مشروعة. فحماية الخصوصية ال تقتصر فقط على حماية
المعلومات الشخصية، بل تشمل أيضاً حقوق األفراد في عدم تعرضهم للمراقبة غير
المبررة أو جمع معلوماتهم عنهم بوسائل تتجاوز الحاجة الفعلية للعمل. إن احترام هذه
الحقوق يسهم في تعزيز بيئة عمل قائمة على الثقة واالحترام المتبادل، مما يزيد من
مستويات الرضا الوظيفي ويحفز اإلنتاجية .
لالعتبارات السالف ذكرها اهتم الفكر القانوني بشكل غير مسبوق بإيالء عناية لحماية
الحياة الخاصة لألجراء فكام المنطلق من الفقه مرورا بالقضاء وانتهاء بالتنصيص
التشريعي الصريح في بعض القوانين المقارنة على حماية الحق المذكور.
وسنحاول في هذه المداخلة بسط مفهوم حماية الحياة الخاصة لألجراء في محور أول على
أن نتناول في محور ثان بعض مظاهر هذا الحق الحديث وال سيما على مستوى القضاء
والتشريعات المقارنة
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
21 / 47
المحور األول: مفهوم الحياة الخاصة لألجراء
سنحاول الوقوف عند مفهوم الحياة الخاصة لألجراء من خالل تعريفها )أوال( وحصر المجالت
التي تدخل في نطاقها )ثانيا(
أوال تعريف الحياة الخاصة لألجراء
تعددت تعاريف الحياة الخاصة لألجراء تبعا ألولوية الحقوق الشخصية عند كل فقيه غير
أننا نسوق تعريفين فقهيين نعتبرهما أكثر شمولية واحتواء لعناصر الحياة الخاصة
لألجراء
وفي هذا اإلطار يذهب أحد الفقهاء إلى أن “الحياة الخاصة لألجراء هي الحق في الحفاظ على
خصوصية المعلومات الشخصية للفرد، حيث ال يحق للمشغل أو أي جهة أخرى التدخل أو
جمع البيانات الشخصية إال ضمن حدود ضيقة ومحددة قانونيا،ً مما يحفظ األجراء من
المراقبة التعسفية أو استغالل حياتهم الخاصة دون موافقتهم.”
وي تعريف آخر “الحياة الخاصة لألجراء هي مجموعة الحقوق التي تضمن لألفراد حرية
التحكم في معلوماتهم الشخصية، وعدم تعرضهم للتدخالت غير المبررة من قبل المشغل
أو غيره في خصوصياتهم اليومية خارج نطاق العمل. يشمل ذلك جميع األبعاد الشخصية
كالمراسالت، العالقات االجتماعية، والنشاطات الخاصة التي ال يجوز مراقبتها أو جمع
بياناتها إال في إطار قانوني واضح.”
ثانيا: النطاق الزمني والمكاني للحياة الخاصة
-حق األجير في احترام خصوصية حياتهم األسرية: تعد حياة األسرية والعائلية في
طليعة عناصر الحياة الخاصة التي ال يجوز انتهاكها أو كشفها للجمهور عن طريق النشر أو
بأي وسيلة أخرى، و في هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه : ال يجوز نشر أخبار
حقيقية أو مزعومة عن خطبة أحد األشخاص و قررت أنه من مسائل الحياة الزوجية عالقة
الزوج بزوجته و مدى نجاح أو فشل هذه العالقة و ما يترتب عليه من نتائج كالطالق أو
الزواج الجديد.”
-حق األجير في اختيار مظهره: يعتبر اختيار األجير لمظهره من الحقوق الثابتة له، و هو
بشكل مبدئي حر في اتخاذ المظهر الخارجي الذي يناسبه، و له الحق في رفض تغييره إذا
طلب صاحب العمل ذلك.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
22 / 47
-حق األجير في قطع االتصال خارج أوقات هذا األخير: حيث ال يحق للمشغل االتصال
بأجيره خارج أوقات العامل اعتبار امتناعه عن الرد خطأ من جانبه، وسيأتي التفصيل في
هذا الحق في المحور الثاني في هذه المداخلة.
-حق األجير في عدم الكشف عن محل إقامته و رقم هاتفه : يعتبر محل إقامة الشخص و
رقم هاتفه من قبيل العناصر المشكلة للحياة الخاصة لألجير ومن التطبيقات القضائية
لذلك، ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في 6 نونبر 1990 بأن :
“كشف المشغل عن عنوان األجير دون موافقته يعتبر اعتداء على حياته الخاصة “.
خاصة القول إن الحياة الخاصة لألجير هي كل األمور المرتبطة به والتي ال عالقة لها بالعمل
ويستأثر هو وحده بمعرفتها مشاركتها مع غيره، غير أن السؤال الذي يطرح: كيف سعى
االجتهاد القضائي
والتشريعات في تكريس حماية قانونية للحياة الخاصة لألجراء، هذا ما سنحاول اإلجابة
عليه في المحور الثاني.
المحور الثاني: مظاهر حماية الحياة الخاصة على المستوى القضائي والقانوني
تجدر اإلشارة إلى أنه سنحاول الوقوق عند الحماية القضائية قبل الحماية التشريعية مرده
إلى أن القضاء، وخاصة الفرنسي، كان له السبق في تقرير حماية حياة األجراء الخاصة.
أوال: مظاهر الحماية القضائية للحياة الخاصة لألجراء
ساهم االجتهاد القضائي وال سيما في فرنسا في إرساء اللبنة األولى في حماية الحياة الخاصة
لألجراء .
وفي هذا اإلطار صدر عن محكمة النقض الفرنسية قرار شهير حظي بقدر كبير من التحليل
الفقهي وهو القرار المعروف باسم “قرار nikon وتتلخص وقائعه في أن ” شركة Nikon
الفرنسية، حيث قامت الشركة بتركيب كاميرات مراقبة داخل مكان العمل لمراقبة أجراءها
دون أن تُعلمهم بشكل كافٍ عن وجود هذه الكاميرات أو استخدام هذه المراقبة. وقد تم
استخدام هذه الكاميرات في مراقبة سلوك األجراء أثناء العمل، بما في ذلك سلوكهم
الشخصي في بعض الحاالت وقضت المحكمة المذكورة بأنه ال يحق للمشغل مراقبة األجراء
أو جمع معلومات شخصية عنهم دون إشعارهم بشكل واضح بذلك، حتى لو كان المشغل
يسعى لضمان السالمة أو األداء الجيد في العمل، فإنه يجب أن يوازن بين هذا الهدف وحق
األجراء في الخصوصية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
23 / 47
وفي قرار آخر صادر بتاريخ 19 أكتوبر 2004 ذهبت نفس المحكمة إلى أنه ” ال يجوز للمشغل
مراقبة األجراء بشكل غير مبرر أو جمع بيانات شخصية دون إشعارهم. كما أكدت على أن
استخدام هذه األدوات يجب أن يكون مرتبطًا بشكل مباشر بأهداف العمل، مثل ضمان
األمان أو االمتثال لألنظمة، وال ينبغي أن يتجاوز هذا الحد .
كما قضت محكمة النقض الفرنسية في عدد من مناسبات بإثارة مسؤولية المشغل عن
فصل أجيرة بسبب زواجها رغم وجود بند في العقد يمنع ذلك معتبرة أن هذا البند باطل
لتعارضه مع حق األجيرة في ممارسة حياتها الخاصة والتي في طليعتها الزواج وتكوين
أسرة.
وبالمقابل نجد محكمة النقض الفرنسية تضع حدودا لممارسة الحق في حماية الحياة
الخاصة مؤكدة أنه ال يمكن االحتجاج بالخصوصية إذا كان من شأن ذلك المس بمصالح
المشغل المشروعة، وفي هذا اإلطار ذهبن المحكمة المذكورة إلى أنه: “يمكن للمشغل
فحص مفتاح الذاكرة ( USB clé ( الخاص باألجير إذا استعمله هذا األخير في حاسوب
المقاولة، إذ يحتمل أن يكون األجير بصدد سرقة بيانات أو أن يكون هذا المفتاح حامال
لبعض الفيروسات التي تشكل خطرا على البيانات المخزنة في الحاسوب أو على الحاسوب
نفسه.”
وفي قرار آخر انتصرت نفس المحكمة للمشغل في قضية تتلخص وقائعها في أن أجيرا
يشتغل في مكان لبيع المأكوالت لكن المشغل الحظ اتساخ ثيابه بشكل متكرر وبعد إنذاره
قام بفصله فلم تأخد محكمة النقض الدفع المتعلق بالحياة الخاصة في االعتبار مؤكدة
أنه ال مجال للحديث عن حياة خاصة إذا كان من شأنها إلحاق ضرر بالمشغل
من خالل هذه العينات من االجتهادات القضائية يظهر الدور الكبير الذي قام به االجتهاد
القضائي في التأسيس بحق األجراء في حماية حياتهم الخاصة مع رسم الحدود فاصلة بينها
وبين حياتهم المهنية التي ال يجب أن تضرر بدريعة الخصوصية كما في األمثلة التي حاولنا
إبرازها
وننتقل إلى النقطة الموالية واألخيرة وهي المتعلقة بال تكريس التشريعي لحق األجراء في
حماية حياتهم الخاصة.
ثانيا: التكريس التشريعي لحق األجراء في حماية حياتهم الخاصة
تعتبر المشرع الفرنسي األكثر ريادة في حماية الحياة الخاصة لألجراء، لذلك سنحاول
الوقوف عند أهم المحطات التي مر منها االعتراف لألجراء بهذه الحقوق
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
24 / 47
وفي هذا اإلطار، يعتبر تعديل مدونة الشغل الفرنسية لسنة ،1992 أول نص تشريعي
يرمي مباشرة إلى حماية الحياة الخاصة لألجراء، حيث تم تضمين حق األجراء في الخصوصية
ضمن مواد مدونة الشغل الفرنسية. وتم التأكيد على ضرورة احترام الخصوصية الشخصية
لألجراء داخل فضاء العمل، وبدأت النصوص القانونية في معالجة التوازن بين حماية
حقوق األجراء في الخصوصية وحق المشغلين في الحفاظ على األمن والتنظيم في العمل.
وفي سنة ،2001 تم إدخال تعديالت على مدونة الشغل الفرنسية بغية تعزيز حماية
الخصوصية في الشغل، خاصة في ما يتعلق بالمراقبة باستخدام كاميرات الفيديو أو أدوات
المراقبة األخرى. شملت التعديالت اإلشارة إلى ضرورة إبالغ األجراء بشكل مسبق عن أي نوع
من المراقبة. كما تم التأكيد على أنه ال يمكن للمشغل جمع بيانات شخصية إال في الحاالت
الضرورية القصوى .
وفي سنة ،2016 شهدت مدونة الشغل الفرنسية أهم تعديل يخص حماية الحياة الخاصة
لألجراء وتتلخص أبرز التعديالت التي جاء بها هذا القانون في تأطير استخدام األدوات
الرقمية في مكان العمل. تم التشديد على ضرورة إعالم األجراء حول كيفية مراقبتهم
باستخدام التقنيات الحديثة مثل البريد اإللكتروني أو اإلنترنت، كما تم تحديد حدود
استخدام هذه األدوات بشكل يتجنب المساس بحياة األجراء الخاصة وخاصة حقهم في قطع
االتصال مع المشغل خاصة بالنسبة ألنماط الشغل الحديثة كالعمل عن بعد الذي حظي
بتنظيم رامي إلى حماية خصوصية المشغل في إطاره.
وإذا كانت التجربة الفرنسية تحتل الريادة في حماية الحياة الخاصة لألجراء فإنها ليست
الوحيدة ذلك أن تشريعات أوروبية أخرى أفردت أحكاما رامية إلى حماية الحياة الخاصة
لألجراء كالمشرع األ لماني والبلجيكي واإليطالي .
وفي الختام :
إذا كانت حماية الحياة الخاصة لألجراء قد أصبحت واقعا وضرورة ملحة أما آن األوان إلعادة
النظر في مدونة الشغل المغربية لتنظيم أنماط الشغل الحديثة التي تنتهك الخصوصية
بشكل سافر، وإصدار نصوص آمرة ترمي بشكل مباشر وصريح إلى حماية الحياة الخاصة
لألجراء.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
25 / 47
المداخلة الثانية: حرية الصحافة في مواجهة الحماية الجنائية للحياة الخاصة: بين الحق
في اإلخبار والحق في الخصوصية.
المتدخل ة : بسمة عوبيد: محامية متمرنة بهيئة الجديدة وطالبة باحثة بسلك الدكتوراه،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
إن من مظاهر تطور الدول وازدهارها هو مدى تطبيقها لسيادتها سواء على المدى الداخلي
أي داخل حدودها أو المدى الخارجي أي اتجاه الدول األخرى، ولعل أبرز تجليات التطبيق
الصحيح للسيادة هو الجمع بين السن الصحيح للقوانين والذي يكمن دوره في تنظيم
المجتمع والتحكم في سلوك األفراد وبين صون حرياتهم كما نصت عليها االتفاقيات
الدولية .
غير أن هذه المهمة ليست بالهينة كون أن الحياة االجتماعية والسياسية واالقتصادية في
تطور دائم استوجب معه تطوير التشريع القانوني لكي يواكب تقدم المجتمعات ويؤطر
األنشطة التي قد تكون وليدة هذا التطور.
وتأسيسا على ما سبق، فإن المكان الذي تشغله مهنة الصحافة في مجتمعاتنا اليوم ليس
وليد اللحظة بل هو عصارة صراع تاريخي ميز هذا المجال عن دونه من الميادين حيث هو
تكريس لوعي المغرب بالثقافة الحقوقية، وهو ما يجعلنا اليوم غير قادرين على التحدث
عن الصحافة دون األخذ بعين االعتبار مبدأ حرية التعبير التي تعد من الحقوق األساسية
التي تضمنها العديد من المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، حيث يعتبر الحق في
التعبير عن اآلراء واألفكار دون قيود من أهم الركائز التي تقوم عليها المجتمعات
الديمقراطية الحديثة.
وهنا تطرح اإلشكالية األساسية التي تكمن في كيفية تحقيق التوازن بين حماية الحق في
اإلخبار وضمان حق األفراد في الخصوصية في الحاالت التي تتداخل فيها المصلحة العامة
مع حقوق األفراد الشخصية.
لذلك يظل االشكال قائما حول كيفية تحديد الحدود بين هاذين الحقين المهمين وهل
يمكن أن تفرض التشريعات الجنائية قيودا قاسية على الصحافة بشكل يضر بحرية
التعبير واإلعالم أم أن حماية الخصوصية هي أولوية يجب الحفاظ عليها على حساب حرية
الصحافة؟
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
26 / 47
ولإلجابة على هذه اإل شكالية، ارتأيننا تقسيم الموضوع إلى مح ورين؛ يتعلق األول باإلطار
القانوني لتأسيس مهنة الصحافة والقيود القانونية المفروضة عليها .
أما الثاني فيتمحور حول حماية الحق في الخصوصية من التعسف في استعمال حرية
الصحافة .
فيما يتعلق بالمحور األول :
إن الغاية األساسية من ظهور مهنة الصحاف ة هي نشر المعلومة وإخبار العموم بما شهده
العالم من تغييرات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهو ما يسهم في تحقيق الشفافية
وتعزيز المشاركة المدنية.
حيث شهدت حرية الصحافة في المغرب تطورا تدريجيا منذ االستقالل، إذ انتقلت من
مرحلة الرقابة االستعمارية الصارمة إلى توسيع نطاق الحق في اإلخبار .
فبعد حصوله على االستقالل عام ،1956 بدأ المغرب في سن تشريعات لتنظيم الصحافة
إال أن أولى القوانين، مثل ظهير ،1958 ظلت تفرض قيودا على النشر خاصة في القضايا
السياسية واألمنية. إلى أن جاءت نقلة نوعية مع دستور 2011 الذي كرس حرية الصحافة
كحق أساسي، تبعته اصالحات في قانون الصحافة والنشر رقم 13-88 الذي ألغى الرقابة
المسبقة ومنح االعالميين مزيدا من االستقاللية مع استمرار بعض القيود القانونية
والجنائية خاصة، التي تهدف إلى خلق توازن بين حرية التعبير وحماية األمن القومي
وحقوق األفراد.
حيث يفرض قانون الصحافة والنشر رقم 13-88 قيودا منها منع أي اساءة للدين االسالمي،
النظام الملكي والوحدة الترابية، كما يجرم التحريض على الكراهية أو نشر االخبار الزائفة
التي تخل بالنظام العام أو تثير الفزع بين الناس. كما يعاقب القانون على التشهير
وانتهاك الخصوصية، حيث يمنع نشر معلومات او صور تتعلق بالحياة الخاصة لألفراد دون
موافقتهم مع تشديد العقوبات إذا كان الهدف من ذلك التشهير أو اإلضرار بالسمعة.
إذ يعتبر المس بالحياة الخاصة لألفراد دون مبرر قانوني تدخال غير مشروع ويخضع
المخالفين لغرامات وتعويضات وفق حجم الضرر.
ورغم هذه القيود، يمنع القانون اإلكراه البدني في قضايا الصحافة مع مراعاة حسن النية
في تقدير المسؤولية الصحفية والتعويضات.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
27 / 47
أما فيما يخص المحور الثاني المتعلق بحماية الحق في الخصوصية من التعسف في
استعمال حرية الصحافة.
فتعد حماية الخصوصية من اهم الحقوق التي يكفلها القانون، حيث تمنع التشريعات اي
انتهاك للحياة الشخصية لألفراد او نشر معلومات شخصية دون إذن أو التعدي على حرية
المراسالت والبيانات.
ويحمي الدستور المغربي والقوانين كالقانون 08-09 المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين
تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، خصوصية األفراد خاصة: في سياق اإلعالم،
إذ يمنع نشر أي تفاصيل خاصة اال في حال وجود مصلحة عامة واضحة .
ورغم أهمية اإلعالم في توفير المعلومات إال أن تداخله مع الحق في الخصوصية يخلق
تحديات قانونية، مما يستوجب ايجاد توازن يحفظ حرية الصحافة دون اإلضرار بحقوق
االفراد.
وفي هذا السياق، تلعب الحماية الجنائية دورا مهما في ضبط العمل الصحفي، حيث يهدف
إلى حماية الصحفيين من التهديدات مع فرض عقوبات على أي تجاوز قد يؤدي إلى
التشهير أو نشر أخبار زائفة.
وتترتب على المسؤولية القانونية عن األفعال الصحفية الضارة آثار متعددة تتنوع بين
اآلثار المدينة والجنائية .
فعلى المستوى المدني، تترتب المسؤولية على الصحفي أو المؤسسة اإلعالمية في حالة
نشر معلومات مغلوطة او مسيئة حيث يمكن للمتضرر المطالبة بتعويض األضرار التي
لحقت به وذلك طبقا لمقتضيات المادة 87 من قانون الصحافة والنشر.
أما في المجال الجنائي، فقد يواجه الصحفي المسؤولية عن ارتكاب جرائم صحفية مثل
التشهير أو القذف أو نشر األخبار الزائفة حيث يمكن أن تفرض عليه عقوبات تشمل
الغرامات أو الحبس حسب خطورة الفعل وأثره على المتضرر مما يترتب عن ذلك آثار على
سمعة الصحفي نفسه إذ يفقد مصداقية أمام الجمهور كما يمكن أن تتدهور سمعة
المؤسسة اإلعالمية المسؤولة فتفقد ثقة جمهورها ويمكن أن يفرض عليها الوقف
المؤقت للنشر أو حتى غرامات مالية ضخمة .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
28 / 47
ختاما :
يتضح أن حرية الصحافة والحق في الخصوصية يمثالن ركنين أساسين في المنظومة
القانونية ويشكالن معادلة صعبة تتطلب توازنا دقيقا بين حق المجتمع في االخبار
وحماية االفراد من أي انتهاك لحياتهم الخاصة .
فرغم أن التشريعات المغربية، المستمدة من المبادئ الدستورية والمواثيق الدولية، قد
عززت حرية اإلعالم كحق أساسي، إال أنها وضعت أيضا ضوابط صارمة لحماية النظام العام،
األمن القومي، وحقوق األفراد، تجنبا أل ي تجاوز قد يضر بالمصلحة العامة.
وفي ظل تطور الصحافة الرقمية وانتشار وسائل اإلعالم الحديثة، باتت التحديات أكثر
تعقيدا حيث أصبح نشر األخبار والمعلومات أكثر سرعة وتأثيرا، مما زاد من مخاطر
التشهير، نشر األخبار الزائفة والمس بالحياة الخاصة والخصوصية .
المداخلة الثالثة: إجراءات بحث وتحقيق الدعوى الجنائية – بين متطلبات تحقيق العدالة
الجنائية وعدم المساس بحرية األفراد.
المتدخل: وسيم األحمر: محامي متمرن بهيئة أكادير وطالب باحث بسلك الدكتوراه، كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالجديدة.
ملخص المداخلة:
تُعتبر إجراءات البحث والتحقيق الجنائي من الركائز األساسية لتحقيق العدالة الجنائية،
حيث تهدف إلى كشف الحقيقة وتقديم الجناة إلى العدالة. ومع ذلك، فإن هذه اإلجراءات
قد تمس بحريات األفراد وحقوقهم األساسية، مما يستوجب تحقيق توازن دقيق بين
متطلبات العدالة وضمان عدم المساس بحقوق اإلنسان.
أوال:ً مرحلة البحث التمهيدي وضمانات حقوق األفراد
تُناط بالشرطة القضائية مهمة التثبت من وقوع الجرائم وجمع األدلة والبحث عن
مرتكبيها. ولضمان عدم انتهاك حقوق األفراد خالل هذه المرحلة، وضع المشرع المغربي
إطارًا قانونيًا يُقيِّد صالحيات الشرطة القضائية، مع التأكيد على احترام مشروعية
اإلجراءات. فعلى سبيل المثال، يخضع عمل ضباط الشرطة القضائية إلشراف النيابة
العامة، حيث يتوجب عليهم إشعارها بكل إجراء يتخذونه وأخذ التعليمات الالزمة بشأنه
باإلضافة إلى ذلك، أُلز م ضباط الشرطة القضائية باالعتماد على األدلة العلمية والمادية
في اإلثبات الجنائي، بدالً من االكتفاء باعترافات المشتبه فيهم، وذلك لتعزيز مصداقية
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
29 / 47
التحقيق وضمان حقوق الدفاع. كما يُعتبر تعزيز قرينة البراءة وحقوق الدفاع أثناء البحث
التمهيدي من الضمانات األساسية التي حرص عليها المشرع .
ثانيًا: إجراءات التفتيش والحجز وحماية الحق في الخصوصية
يُعتبر تفتيش المنازل وحجز األدلة من اإلجراءات التي قد تمس بحق األفراد في الخصوصية.
ولذلك، قُيِّدت هذه اإلجراءات بشروط صارمة لضمان احترام حرمة المسكن. فعلى سبيل
المثال، ال يجوز الشروع في تفتيش المنازل قبل الساعة السادسة صباحًا وبعد التاسعة
ليال،ً إال في حاالت استثنائية محددة، مثل طلب صاحب المنزل ذلك، أو سماع نداءات
استغاثة، أو في حالة الجرائم اإلرهابية التي تتطلب االستعجال .
كما يجب أن يتم التفتيش بحضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه، وإذا تعذر ذلك،
يُستدعى شاهدان من غير الموظفين التابعين لضابط الشرطة القضائية. ويؤدي أي خرق
لهذه اإلجراءات إلى بطالن عملية التفتيش وما قد ينتج عنها من أدلة .
ثالثًا: مرحلة التحقيق اإلعدادي وضمانات المحاكمة العادلة
في مرحلة التحقيق اإلعدادي، يتمتع قاضي التحقيق بصالحيات واسعة للقيام بكافة
التحريات الالزمة لكشف الحقيقة، مع مراعاة حقوق الدفاع وقرينة البراءة. ويحق للمتهم
أو محاميه طلب إجراء فحوصات أو خبرات، وإذا رفض قاضي التحقيق ذلك، يجب أن يكون
الرفض معلالً بأسباب واضحة .
رابعًا: دور النيابة العامة في حماية حقوق األفراد
تُعتبر النيابة العامة جزءًا أساسيًا من السلطة القضائية، ومهمتها تطبيق القانون والدفاع
عن مصالح المجتمع. وعند مثول المتهم أمامها، يجب على ممثل النيابة العامة توفير
جميع الضمانات القانونية، مثل عدم اللجوء إلى إيداعه بالسجن إال عند الضرورة القصوى،
وعرضه على الطبيب إذا لزم األمر، وضمان حقه في مؤازرة المحامي .
خامسًا: التحديات واالنتقادات الموجهة إلجراءات البحث والتحري
على الرغم من الضمانات القانونية، تواجه إجراءات البحث والتحري انتقادات تتعلق
بتهديدها المحتمل لحقوق وحريات األفراد. فالشرطة القضائية تتمتع بصالحيات قد
تُسيء استخدامها، مثل وضع األفراد تحت الحراسة النظرية أو المساس بحرمة مساكنهم.
ولذلك، يجب على التشريعات التدخل لحماية الحريات الفردية عبر إقرار حقوق وضمانات
موازية للصالحيات المخولة للشرطة، خدمةً لحقوق اإلنسان والعدالة الجنائية .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
30 / 47
سادسا: وقائع إعادة تمثيل الجريمة
إحدى الوسائل المستخدمة في التحقيق الجنائي هي إعادة تمثيل الجريمة، حيث يُطلب
من المشتبه فيه تمثيل كيفية ارتكابه للجريمة في مسرحها األصلي. تهدف هذه العملية
إلى فهم تفاصيل الجريمة والتأكد من صحة االعترافات. ومع ذلك، تثير هذه الممارسة جدالً
حول مدى تأثيرها على كرامة اإلنسان واحترام حقوقه.
المساس بكرامة اإلنسان والتشهير :
إعادة تمثيل الجريمة قد تؤدي إلى المساس بكرامة المشتبه فيه، خاصة إذا تم تصويره أو
نشر صورته في وسائل اإلعالم دون موافقته. في هذا السياق، يُعتبر ذلك انتهاكًا لحقه
في الخصوصية وقد يؤدي إلى التشهير به، مما يؤثر سلبًا على سمعته وحياته االجتماعية.
القانون المغربي يُجرم المساس بالحياة الخاصة والتشهير، حيث تنص المادة 447-1 من
القانون الجنائي على عقوبات تشمل الحبس والغرامة لكل من قام عمدًا، وبأي وسيلة،
بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون
موافقة أصحابها.
الجدل حول إعادة تمثيل الجريمة :
أثارت عمليات إعادة تمثيل الجريمة في المغرب جدالً واسعًا، حيث يرى بعض المختصين
أنها ممارسة غير منصوص عليها قانونيًا وقد تنتهك قرينة البراءة للمشتبه فيه. فقد
أشار أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، عبد الرحيم العالم، إلى أن هذه الممارسة
قد تكون “بدعة غير محمودة” وتنتهك حقوق المشتبه فيه قبل صدور حكم قضائي
نهائي. من جهة أخرى، يرى بعض األخصائيين النفسيين أن إعادة تمثيل الجريمة قد
تساعد المشتبه فيه على استيعاب ما حدث وربما تكون بداية الندماجه وإعادة تأهيله .
التوازن بين تحقيق العدالة وحماية حقوق األفراد:
لضمان تحقيق العدالة دون المساس بحريات األفراد وكرامتهم، يجب على السلطات
المختصة االلتزام بالضمانات القانونية واحترام حقوق اإلنسان خالل إجراءات البحث
والتحقيق. يتضمن ذلك الحصول على موافقة المشتبه فيه قبل تصويره أو نشر صوره،
وضمان سرية التحقيقات، وتجنب أي ممارسات قد تؤدي إلى التشهير به أو المساس
بكرامته. كما يجب على وسائل اإلعالم االلتزام بأخالقيات المهنة وعدم نشر أي معلومات
قد تضر بسمعة األفراد قبل صدور أحكام قضائية نهائية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
31 / 47
خاتمة:
إن تحقيق التوازن بين متطلبات العدالة الجنائية وضمان عدم المساس بحريات األفراد
يُعتبر تحديًا مستمرًا. ولذلك، يجب على المشرع والسلطات المختصة العمل على تعزيز
الضمانات القانونية وتفعيل آليات الرقابة لضمان احترام حقوق اإلنسان، مع الحفاظ على
فعالية اإلجراءات الجنائية في مكافحة الجريمة وتحقيق العدالة.
المداخلة الرابعة: حماية الحياة الخاصة لألفراد في المعاهدات والمواثيق الدولية.
المتدخل: محمد الكارح: طالب باحث بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية عين الشق جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
ملخص المداخلة:
تعتبر حماية الحياة الخاص أحد الحقوق األساسية التي أقرتها المواثيق والمعاهدات
الدولية، حيث ترتبط بشكل مباشر بحفظ كرامة االنسان وحريته الشخصية.
إذ أن الحق في حرمة الحياة الخاصة تعترضه العديد من االنتهاكات بل في كثير من االحيان
قد يصطدم ببعض الحريات األخرى كحرية التعبير خاصة في ظل التطور التكنولوجي
الحاصل في وقتنا المعاصر، ومن اجل حماية هذا الحق تكاتفت جهود الدول لخلق العديد
من الصكوك الدولية سواء كانت على المستوى العالمي أو االقليمي، قصد حماية هذا الحق
وعدم السماح بانتهاك حرمته.
فاحترام الحياة الخاصة هو واجب اخالقي قبل ان يكون واجب مؤسساتي فال يستلزم تدخل
المشرع لكي يعلم الناس حدود األدب والتعامل مع االخر، كذلك إذا ادخلت الحياة الخاصة
تحت مظلة الحماية القانونية، فإنها بذلك تخلق اغالل وقيودا ترد على العديد من الحقوق
والحريات، مثل ح رية الصحافة وحق جمع المعلومات فعدم االعتراف بهذا الحق واالنتقاص
منه هو يعرض ضمان انواع أخرى من الحقوق والحريات.
فمند االعالن العالمي لحقوق اإلنسان عام ،1948 بدأت الخصوصية تأخذ مكانة متقدمة
كحق أصيل ال يجوز المساس به أو تدخل فيه دون مبرر مشروع. فالحق في الحياة الخاصة
ال يقتصر على حماية الفرد من التدخل المادي في حياته الشخصية. بل يمتد لشمل حماية
بياناته الشخصية ومراسالته وسرية تواصله مع اآلخرين …
وهو ما يشكل ضمانة أساسية لتوفير بيئة تحترم الحريات الفردية وتحميها من االنتهاكات .
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
32 / 47
حيث شهد العالم خالل العقود االخيرة تغيرات جذرية على صعيد التكنلوجي، أدت الى
تزايد التحديات التي تهدد هذا الحق .
سواء من قبل األفراد أو المؤسسات أو حتى الحكومات. فقد أصبحت البيانات الشخصية
لألفراد تجمع وتستخدم بشكل واسع من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى، في حين باثت
األنظمة الحكومية أكثر تطورا بحجة األمن القومي ومكافحة الجريمة، وهذا الواقع فرض
على المجتمع الدولي أن يواكب تلك التغيرات بوضع تشريعات وآليات قانونية تهدف الى
تحقيق التوازن بين حماية الحياة الخاصة وضمان األمن العام .
وفي هذا السياق برزت العديد من االتفاقيات الدولية التي توفر اطارا قانونيا لحماية هذا
الحق مثل االعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، باإلضافة الى االتفاقية األوربية لحقوق االنسان.
وعلى الرغم من ذلك فإن التدخالت التي تواجه الخصوصية في ظل التطور الرقمي
والمجتمعي تطرح تساؤالت حول مدى فعالية هذه نصوص ومدى كفايتها لمواكبة الواقع
المتغير.
خاتمة :
فبالرغم من اعتبار أن حماية الحياة الخاصة لألفراد تعتبر حقا ملزما احترامه من طرف
جميع دول العالم، وذلك باعتباره ضمن الركائز األساسية التي سعى االعالن العالمي لحقوق
اإلنسان إلى تبنيها ودعى دول العالم لاللتزام بها وعدم االخالل ببنودها وهذا ما كرسته
معظم التشريعات الدولية من اجل وضع ترسانة قانونية لضمان حمايتها وعدم االخالل
بهده الحقوق سواء من طرف االفراد او الدول .
لكننا نجد أن بعد الدول ال تفي بالتزاماتها اتجاه هده االتفاقيات والمعاهدات الدولية في
احترامها لحرمة الحياة الخاصة لدى االفراد وذلك بحجة الحفاظ على األمن والنظام العام
ومحاربة الجريمة .
ومن هنا يمكننا ان نطرح التساؤل اآلتي: الى اي حد تستطيع التشريعات الدولية مواجهة
هذه التحديات والخروقات في حماية حرمة الحياة الخاصة لدى االفراد؟ والى اي حد تستطيع
هذه التشريعات الدولية الى الزامية الدول على وفائها باالتفاقيات والمعاهدات الدولية
التي ابرمتها بهذا الخصوص؟
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
33 / 47
المداخلة الخامسة: اآلليات القانونية لحماية األفراد من التهديدات الرقمية وفق التشريع
المغربي
المتدخل: حسام بوخريص، مـحامي متمـرن بهيئة الجديدة وطالب باحث بسلك
الدكتوراه، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، كلية عين السبع.
ملخص المداخلة:
شهد العالم في السنوات األخيرة تحوُّالً جذرياً بفعل التطور التكنولوجي والرقمنة التي مست
جميع جوانب الحياة اليومية. ومع هذا التحول المتسارع، أصبحت حماية الفضاء الرقمي
ضرورة استراتيجية لتأمين األفراد والمؤسسات والدول من المخاطر المتزايدة التي تفرضها
التهديدات الرقمية. وتتمثل هذه المخاطر في الجرائم اإللكترونية، مثل القرصنة واالبتزاز
الرقمي، وصوالً إلى الهجمات السيبرانية واسعة النطاق التي تستهدف البنيات التحتية
الحيوية للدول. أمام هذا الواقع، أصبح األمن السيبراني قضية محورية ضمن األجندات
الوطنية والدولية .
األمن السيبراني، كما جاء تعريفه في القانون المغربي رقم ،05-20 يُشير إلى مجموعة من
التدابير واإلجراءات التقنية والتنظيمية التي تهدف إلى حماية نظم المعلومات والمعطيات
المخزنة أو المرسلة ضد أي تهديد يمس بتوافرها وسريتها وسالمتها. وعلى الرغم من أن
األمن السيبراني يُعدّ حديث النشأة مقارنةً بالقطاعات األمنية التقليدية، إال أنه بات يحتل
مكانة متقدمة ضمن استراتيجيات الدول، نظراً لما يُمثله من ضمان الستمرارية العمل في
اإلدارات والمؤسسات، وحماية للبيانات الحساسة والخدمات األساسية التي تقوم عليها حياة
األفراد والمجتمعات .
في السياق المغربي، يُعتبر األمن السيبراني أحد األعمدة األساسية لضمان نجاح التحول
الرقمي الذي انخرطت فيه المملكة كجزء من استراتيجياتها التنموية الكبرى. ويرتبط هذا
األمن بحماية البنيات التحتية الحيوية، مثل شبكات الطاقة، والمواصالت، والنظم المالية،
واإلدارات الحكومية، من التهديدات السيبرانية التي قد تؤدي إلى خسائر فادحة اقتصاديًا
وأمنيًا. ويبرز دور األمن السيبراني أيضاً في تعزيز الثقة الرقمية للمستخدمين، سواء كانوا
أفراداً أو شركات، مما يُسهم في تحفيز االستثمار في القطاع الرقمي وضمان استدامته .
عالوة على ذلك، فإن التحديات المرتبطة باألمن السيبراني تتخطى الحدود الوطنية، مما
يجعل من الضروري التعاون الدولي واإلقليمي لمواجهتها. وقد أظهر المغرب التزاماً واضحاً
بهذا التعاون من خالل انضمامه إلى اتفاقيات دولية مثل “اتفاقية ماالبو”، فضالً عن
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
34 / 47
جهوده لتحسين تصنيفه في المؤشرات الدولية لألمن السيبراني، مثل مؤشر األمن
السيبراني العالمي (GCI (الصادر عن االتحاد الدولي لالتصاالت.
على المستوى القانوني، وضع المغرب مجموعة من التشريعات التي تُنظم األمن
السيبراني، وعلى رأسها القانون رقم -20 05 المتعلق باألمن السيبراني. هذا القانون يُعد
اإلطار التشريعي الرئيسي الذي يُحدد قواعد ومقتضيات حماية نظم المعلومات في اإلدارات
والمؤسسات العمومية والخاصة. ويُعزز هذا اإلطار القانوني بمراسيم تطبيقية مثل
مرسوم ،2-21-406 ومنشورات رئيس الحكومة التي تُحدد التوجيهات الوطنية ألمن نظم
المعلومات.
كما أُنشئت هيئات متخصصة مثل المديرية العامة ألمن نظم المعلومات، التي تُعد
السلطة الوطنية المسؤولة عن تنفيذ استراتيجية الدولة في هذا المجال. ومن بين المهام
الموكلة لهذه المديرية، تنسيق الجهود الوطنية لمواجهة التهديدات السيبرانية، وإجراء
مراقبة دورية لنظم المعلومات، وتقديم المساعدة التقنية للمؤسسات لحماية بياناتها.
رغم التقدم المحرز، يواجه األمن السيبراني في المغرب عدة تحديات، منها:
.1 التطور المستمر للتهديدات السيبرانية: تتسم الجرائم السيبرانية بمرونة كبيرة،
حيث يستخدم المهاجمون تقنيات جديدة ومتطورة تجعل التصدي لهم أكثر صعوبة. على
سبيل المثال، تزايد استخدام البرمجيات الخبيثة والهجمات المعقدة مثل هجمات الفدية
(Ransomware(التي تستهدف األنظمة الحيوية.
.2 النقص في الموارد البشرية المتخصصة: يعاني المغرب، على غرار العديد من الدول،
من نقص في الكفاءات المتخصصة في مجال األمن السيبراني، مما يُعيق جهود التصدي
للتهديدات الرقمية.
.3 التنسيق بين القطاعات: يظل التنسيق بين مختلف القطاعات والمؤسسات تحدياً
كبيراً لضمان تنفيذ استراتيجية موحدة لألمن السيبراني.
.4 حماية البيانات الشخصية: مع تزايد االعتماد على الخدمات الرقمية، أصبح الحفاظ
على خصوصية األفراد وحماية بياناتهم الشخصية أولوية قصوى. ورغم وجود القانون
08-09 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، فإن التطبيق الفعلي يواجه
تحديات في ظل التوسع السريع للفضاء الرقمي.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
35 / 47
المناقشات والتفاعلت:
شهدت الندوة تفاعل إيجابيا من الحضور والمتتبعين، الذين أبانوا عن اهتمامهم
بموضوع الندوة، وتم التأكيد في األخير على ضرورة تكاثف كل الجهود من أجل
العمل على تحصين الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في بلدنا.
نتائج و توصيات:
-1 اختالف نظرة شرائح المجتمع المغربي لمفهوم الخصوصية والحياة الخاصة داخل
المجتمع الواحد وعلى المستوى التقليدي والرقمي، نتيجة تعدد الفوارق واالختالفات
الجغرافية واأليديولوجية والدينية والمذهبية والثقافية والبيئية… مما يصعب المهمة
أمام المشرع الجنائي في وضع نص واحد يطبق على الجميع.
-2 تشتت النصوص القانونية المنظمة للحق في الحياة الخاصة بين القانون الجنائي
وقانون حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وقانون الصحافة والنشر وغيرها، وهو ما
من شأنه أن يؤثر على مبدأ الشرعية وعلى األمن القانوني في مجال حماية الحياة الخاصة.
-3 غياب تعريف تشريعي واضح للحياة الخاصة، حيث على الرغم من أهمية الحق في
الحياة الخاصة، يالحظ عدم وجود تعريف تشريعي واضح ومحدد له في القانون المغربي.
-4 تعدد المعايير في تحديد األفعال التي تمثل انتهاكا للحق في الخصوصية واختالفها
من جريمة ألخرى حسب إرادة المشرع، وهو ما من شأنه جعل النصوص القانونية صعبة
من حيث التطبيق، كما من شأنه إفراز تفسيرات مختلفة ومتضاربة لدى الممارسين
القانونيين، كما يمكن أن يؤدي إلى إفالت المعتدين على الحياة الخاصة لألفراد من العقاب
على جرائمهم، أو إلى تقييد الحق في حرية التعبير عن قضايا الشأن العام.
-5المشرع الجنائي أمام هذا الوضع الجديد الذي يعيشه المجتمع المغربي، يجب عليه أن
يركز بشكل كبير على تحديد مفهوم المجال الخاص لألفراد بشكل دقيق ويقوم بحمايته
بنصوص زجرية ويعاقب كل شخص أو كيان كيفما كان يقوم بالمس بخصوصية الفرد
وحياته الخاصة التي يمارسها في مجال ه الخاص التقليدي أو الرقمي.
-6 يجب على المشرع أن يعاقب كل شخص يقوم بفضح حياته الخاصة بشكل علني سواء
في المجال الواقعي أو االفتراضي، وأيضا يجب على المشرع الجنائي أن يقوم بوضع نصوص
زجرية تحمي المجال العام التقليدي واالفتراضي كونه هو مجال خاص بعموم أفراد
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
36 / 47
المجتمع، مجال يجب أن تحترم فيه القيم والمبادئ األخالقية التي يقوم عليها التماسك
المجتمعي المغربي.
-7 يجب التحسيس بخطورة المساس بخصوصية األفراد في مجالهم الخاص والشخصي
الغير المعلن للجميع، وأن هذه السلوكيات هي سلوكيات مرفوضة دينيا وأخالقيا وال تسهم
في بناء مجتمع متماسك ومتضامن في ما بينه، كما يجب التحسيس على أن أي فرد هو
حر في ممارسة مختلف سلوكياته التي يؤمن بها لكن شريطة عدم المس بمعتقدات
اآلخرين ومشاعرهم، كل ذلك من أجل ضمان التعايش السلمي بين أفراد المجتمع المغربي
المتنوع إيديولوجيا وثقافيا وعرقيا.
-8 التأكيد على حرمة المسكن كحق دستوري بحيث ال يمكن أن ينتهك بأي شكل من
األشكال إال وفق الشروط واإلجراءات التي ينص عليها القانون، والتأكيد على ضرورة تقييد
إجراءات التفتيش واالقتحام.
-9 مراجعة القوانين الحالية المتعلقة بالخصوصية والتقاط المكالمات بما يتماشى مع
المعايير الدولية لحقوق اإلنسان.
-10 تطوير نصوص قانونية واضحة تحدد شروط وآليات التقاط المكالمات لضمان الحفاظ
على حقوق األفراد.
-11 ينبغي تجريم أي استخدام غير قانوني للبيانات التي يتم الحصول عليها من التنصت
لضمان عدم استغاللها ألغراض غير مشروعة.
-12 إنشاء لجان خاصة للتحقيق في أي ادعاءات بانتهاك الحق في الخصوصية من خالل
التقاط المكالمات.
-13 تشجيع االبتكارات التي تعزز من حماية حقوق األفراد أثناء عمليات التقاط المكالمات.
-14 وضع مدونة سلوك أخالقية للمؤسسات األمنية والقضائية بشأن استخدام التقاط
المكالمات.
-15 إنشاء آليات للرقابة المستقلة على عمليات التقاط المكالمات وتحديد الجهة المسؤولة
عن هذه العمليات.
-16 نشر تقارير دورية عن عدد وسبب التقاط المكالمات لضمان الشفافية والمساءلة.
-17 تطوير التشريعات الوطنية: يجب على الدول تحديث قوانينها لتشمل الجرائم الرقمية
وتحدد بوضوح كيفية جمع األدلة الرقمية واستخدامها في المحاكم.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
37 / 47
-18 تعزيز التعاون الدولي: إبرام اتفاقيات دولية وإقليمية لتعزيز التعاون في مجال
مكافحة الجرائم الرقمية وتبادل المعلومات واألدلة بين الدول.
-19 تدريب الكوادر القانونية والتقنية: تنظيم دورات تدريبية متخصصة للمحققين
والقضاة حول التعامل مع األدلة الرقمية والتقنيات الحديثة المستخدمة في الجرائم
اإللكترونية.
-20 تحديث المنظومة القانونية من خالل وضع إطار موحد لحماية الحياة الخاصة في
الفضاء الرقمي، وتعزيز العقوبات على االنتهاكات المتعلقة بالمعطيات الشخصية.
-21 تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الرقمية العابرة للحدود، نظرًا ألن هذه الجرائم
غالبًا ما ترتكب عبر منصات تديرها شركات أجنبية.
-22 فرض التزامات أكثر صرامة على منصات التواصل االجتماعي لضمان الشفافية في
سياسات جمع البيانات، وتعزيز حماية المستخدمين من االستهداف غير المشروع.
-23 رفع مستوى الوعي القانوني والتقني لدى األفراد، إذ ال يمكن تحقيق حماية فعلية
للحياة الخاصة في العصر الرقمي دون تعزيز ثقافة األمن المعلوماتي، وتحفيز األفراد على
تبني سلوك رقمي أكثر وعيًا وحرصًا على خصوصيتهم.
-24تعزيز اإلطار القانوني لتجريم التشهير اإللكتروني.
-25 تحديث القوانين المغربية لتواكب التطورات الرقمية.
-26 إدراج تعريف أكثر دقة لجريمة التشهير اإللكتروني يشمل جميع أشكاله، مثل نشر
األخبار الكاذبة، الصور، الفيديوهات، أو الرسائل التي تمس بالسمعة.
-27 تعديل الفصل 2-447 من القانون الجنائي المغربي لرفع الحد األقصى للعقوبات،
بحيث تتناسب مع األضرار الناتجة عن التشهير عبر اإلنترنت، كما هو معمول به في فرنسا
واإلمارات.
-28 استحداث نصوص قانونية تلزم منصات التواصل االجتماعي بالتعاون مع القضاء
المغربي.
-29 إصدار قانون يُلزم الشركات المالكة لمواقع التواصل االجتماعي )فيسبوك، إنستغرام،
تيك توك، يوتيوب…( بإزالة المحتويات المسيئة بناءً على أوامر قضائية مغربية خالل
فترة زمنية محددة، على غرار قانون DSA األوروبي ) Act Services Digital).
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
38 / 47
-30 إقرار عقوبات خاصة بالتشهير ضد الشخصيات العامة والمسؤولين الحكوميين، مثل
النموذج الفرنسي، حيث يتم تشديد العقوبات في حالة استهداف شخصيات عامة بقصد
التحريض أو اإلضرار بسمعتهم.
-31إدراج آلية ”الحق في النسيان“ في التشريع المغربي.
-32 على غرار الالئحة األوروبية لحماية البيانات ) GDPR)، يجب منح األفراد حق المطالبة
بحذف المعلومات أو الصور التي تمس بسمعتهم من اإلنترنت، خاصة إذا لم تكن ذات قيمة
إخبارية.
-33 إنشاء وحدة متخصصة في الجرائم اإللكترونية داخل النيابة العامة، تكون مهمتها
تتبع قضايا التشهير اإللكتروني، وتحليل األدلة الرقمية، والتنسيق مع شركات التكنولوجيا
لتحديد هوية الجناة.
-34 وضع بروتوكول للتحقيق الرقمي يعتمد على تقنيات الذكاء االصطناعي.
-35 استخدام أدوات تحليل البيانات الضخمة لرصد الحسابات المشتبه بها، وتتبع
المنشورات المسيئة، كما هو معمول به في بعض الدول األوروبية.
-36 إلزام الشركات المقدمة لخدمات اإلنترنت )ISP )باالحتفاظ ببيانات التصفح لفترة
زمنية محددة، لضمان سهولة تتبع مصدر التشهير في حالة استخدام حسابات مجهولة أو
شبكات VPN.
-37 إحداث مسطرة مستعجلة للتعامل مع قضايا التشهير اإللكتروني.
-38 وضع آلية قانونية تُلزم المحاكم باتخاذ إجراءات سريعة إليقاف نشر المحتوى
المسيء، خصوصًا في الحاالت التي تسبب أضرارًا فورية للضحايا.
-39تسهيل تقديم الشكاوى عبر منصات إلكترونية.
-40 إنشاء منصة إلكترونية رسمية تابعة للنيابة العامة المغربية تتيح للمواطنين
تقديم شكاوى حول التشهير بسهولة، مع تتبع حالة الشكوى إلكترونيًا.
-41إلزام الجناة بتقديم تعويض مالي مناسب للضحايا.
-42 رفع الحد األدنى للتعويضات في قضايا التشهير اإللكتروني، بحيث يكون متناسبًا مع
حجم الضرر النفسي واالجتماعي والمهني الذي لحق بالضحية، مع ضمان المساواة في ذلك
أمام جميع المواطنين والمواطنات وعدم التمييز ألن كرامة اإلنسان شيء مشترك بين
جميع جنس بني اإلنسان.
-43 تعزيز التوعية والتثقيف القانوني حول مخاطر التشهير اإللكتروني.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
39 / 47
-44 توعية الطالب منذ سن مبكرة بمخاطر التشهير اإللكتروني، والقوانين المنظمة
الستخدام اإلنترنت.
-45 إطالق حمالت توعية إعالمية حول خطورة التشهير اإللكتروني، عبر التلفزيون،
مواقع التواصل االجتماعي، والمؤسسات التعليمية، لتثقيف المواطنين حول العواقب
القانونية لمشاركة المحتويات المسيئة.
-46 دعم الجمعيات الحقوقية المهتمة بحماية الحياة الخاصة، وتشجيعها على تقديم
الدعم القانوني والنفسي لضحايا التشهير.
-47 إعادة النظر في مدونة الشغل المغربية لتنظيم أنماط الشغل الحديثة التي تنتهك
الخصوصية بشكل سافر، وإصدار نصوص آمرة ترمي بشكل مباشر وصريح إلى حماية الحياة
الخاصة لألجراء.
-48 وضع مقتضيات قانونية متعلقة بتنظيم موضوع كاميرات المراقبة سواء في الفضاء
العام أو الملكية المشتركة أو الفردية الخاصة أو العامة أو داخل أماكن العمل، لسد هذا
الفراغ التشريعي الذي يعرفه هذا الموضوع، كونه يتقاطع مع خصوصية األفراد.
-49 التصدي لألخبار الزائفة باستعمال تقنيات الذكاء االصطناعي للرصد والكشف المبكر
واإلبالغ.
-50 تعزيز دور الصحافة المهنية االحترافية من خالل تعزيز دور اإلعالم وحرية الصحافة
مع التأكيد على إلزامية الصحفي باحترام أخالقيات المهنة وعدم انتهاك خصوصيات
األفراد وحرمتهم.
-51 تعزيز سرية األبحاث وتقديم المشتبه بهم.
-52 تعزيز ضمانات تقديم المشتبه بهم أمام الضابطة القضائية.
-53 حماية المشتبه بهم من التشهير االلكتروني قبل إدانتهم من أجل جريمة ما.
-54 وضع قوانين زجرية أكثر صرامة تجاه كل من يسرب إجراءات البحث الجنائي.
-55 إلغاء ما يسمى بإجراء إعادة تمثيل الجريمة من قبل عناصر الضابطة القضائية كونه
ال يستند على أي أساس تشريعي أو قانوني، وكون أن الشخص في هذه المرحلة ما زال
يسمى مشتبها به فقط وليس مجرم ولم يصدر بعد في حقه قرار قضائي نهائي باإلدانة.
-56 يشكل التوفيق بين مقتضيات األمن القومي وحقوق األفراد في الحياة الخاصة تحديًا
مستمرًا. حيث تستخدم الحكومات مبررات مكافحة اإلرهاب والجريمة المنظمة لتوسيع
صالحيات المراقبة مما يخلق مساس بانتهاك حرمه الحياة الخاصة .فقد نصت الوثيقة
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
40 / 47
الدولية بشأن حقوق اإلنسان في العصر الرقمي الصادرة عن األمم المتحدة في عام 2013
على ضرورة تحقيق التوازن بين األمن والخصوصية.
-57 تواجه الحياة الخاصة تهديدًا كبيرًا من الشركات التكنولوجية الكبرى التي تجمع
البيانات الشخصية ألغراض تجارية. وغالبًا ما يتم استغالل هذه البيانات دون شفافية
كافية.
-58 يظل الوعي المحدود لدى األفراد بحقوقهم في الخصوصية عائقًا أمام تفعيل الحماية
القانونية. فقد كشفت تقارير منظمة العفو الدولية أن الكثير من األفراد ال يدركون طرق
حماية بياناتهم أو حقوقهم القانونية.
-59 يبقى االلتزام بتطبيق معايير صارمة لحماية الخصوصية أمرًا حاسمًا لضمان احترام
هذا الحق األساسي في العصر الرقمي.
-60 تتطلب مواجهة التحديات المرتبطة باألمن السيبراني مقاربة تشاركية تشمل جميع
الفاعلين. ويشمل ذلك تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وزيادة الوعي بين
األفراد حول أهمية األمن الرقمي، وتطوير برامج تدريبية لبناء قدرات وطنية في هذا
المجال. باإلضافة إلى ذلك، يتعين على المغرب تعزيز تعاونه مع الشركاء الدوليين لتبادل
المعلومات والخبرات.
-61 يرتكز التهديد اإللكتروني على استخدام وسائل إلكترونية، مثل البريد اإللكتروني أو
الرسائل النصية أو وسائل التواصل االجتماعي، لتوجيه تهديدات إلى شخص أو جهة ما
بهدف إلحاق ضرر مادي أو معنوي أو دفعهم للقيام بفعل أو االمتناع عنه. أما االبتزاز
الرقمي، فهو يُعرف على أنه محاولة استغالل معلومات حساسة، أو صور خاصة، أو بيانات
شخصية بهدف الحصول على منفعة مادية أو معنوية من الضحية.
-62 تعزيز التعاون بين الجهات األمنية والقضائية والتشريعية على المستوى المحلي
والدولي لتطوير أنظمة قانونية أكثر مرونة وشمولية في التصدي للجرائم الرقمية العابرة
للحدود وضمان حماية حقوق الضحايا.
-63 تعزيز وعي األفراد بخطورة استعمال ما يسمى اآلن بالذكاء االصطناعي التوليدي،
ودوره في انتشار تقنيات التزييف العميق الذي يصعب على الشخص العادي اكتشافه
بسهولة.
-64 تعزيز األمن السيبراني في المغرب بما يتماشى مع التحديات المستقبلية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
41 / 47
-65 تعزيز البنية التحتية الرقمية من خالل تبني تقنيات حديثة تحمي النظم
المعلوماتية من الهجمات.
-66 يجب االستثمار في تكوين الخبراء المتخصصين في مكافحة الجرائم السيبرانية، ألن
نقص الموارد البشرية المؤهلة يشكل عقبة رئيسية أمام التطبيق الفعّال للقوانين.
-67 تبقى فعالية النصوص القانونية مرهونة بقدرة المؤسسات القضائية واألمنية على
تطبيقها بكفاءة، مع تطوير الكفاءات البشرية وتوفير األدوات التكنولوجية الالزمة لتعقب
المجرمين الرقميين.
-68 يشكل التكامل بين القانون الجنائي وقانون مكافحة الجريمة اإللكترونية في المغرب
إحدى الركائز األساسية لضمان حماية البيئة الرقمية ومواجهة التحديات الناشئة عن
التطور التكنولوجي السريع.
-69 تعزيز دور المركز المغربي لإلنذار وتدبير الحوادث المعلوماتية، الذي يعمل على رصد
التهديدات السيبرانية ومعالجتها، باإلضافة إلى تحليل الثغرات األمنية واقتراح حلول
عملية للمؤسسات العمومية والخاصة.
-70 تكوين القضاة والمحامين والخبراء التقنيين يشكل أداة أساسية لضمان تطبيق فعّال
للقوانين السيبرانية، حيث يتطلب هذا المجال تخصصًا عاليًا وقدرة على فهم التعقيدات
التقنية المرتبطة بالجرائم الرقمية.
-71 التعاون بين القطاعين العام والخاص ركيزة أساسية لتحقيق فعالية أكبر في تطبيق
القوانين وحماية األفراد من التهديدات الرقمية.
-72 بلورة آليات التحقق والمصادقة الرقمية من أبرز األدوات التي تسهم في حماية األفراد.
اعتماد تقنيات مثل التوقيع اإللكتروني والشهادات الرقمية يعزز من أمان العمليات
الرقمية ويمنح المستخدمين ثقة أكبر في استخدام الخدمات اإللكترونية.
-73 تحقيق التوازن بين األمن الرقمي وحماية الحريات األساسية. في العديد من الحاالت،
قد تؤدي التشريعات الصارمة أو االستخدام المفرط ألدوات المراقبة إلى تقليص مساحة
الحرية الرقمية. لذلك، ينبغي أن تركز اآلليات العملية على خلق بيئة رقمية آمنة دون
التضحية بالحقوق األساسية للمستخدمين.
-74 ضرورة تبني إرادة سياسية واضحة ورؤية استراتيجية تضع اإلنسان وحقوقه في
صميم التحول الرقمي.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
42 / 47
-75 تعزيز جهود فرق الشرطة القضائية المتخصصة في الجرائم اإللكترونية، من خالل
العمل على تطوير قدراتها الفنية والتقنية وتعزيز كفاءتها في رصد التهديدات
السيبرانية والتصدي لها.
-76 يتطلب التحقيق في الجرائم الرقمية تكوين فرق متخصصة تجمع بين الخبرة
التقنية والمعرفة القانونية. تسعى هذه الفرق إلى إجراء تحقيقات شاملة وشفافة، بما
في ذلك تحليل البيانات المستخرجة من األجهزة الرقمية، وتتبع األنشطة المالية المرتبطة
بالجريمة، وتحديد الفاعلين باستخدام أدوات متطورة مثل تتبع عناوين IP وتحليل حركة
المرور على اإلنترنت.
-77الجرائم الرقمية التي تتسم بطابعها العابر للحدود، أصبح تعزيز الحماية من خالل
التعاون المحلي والدولي ضرورة ملحة لضمان استقرار الفضاء الرقمي وحماية حقوق األفراد
والمؤسسات. الجرائم الرقمية ال تعرف حدودًا جغرافية، إذ يمكن تنفيذ هجوم إلكتروني
في دولة ما بينما يس تهدف دولًا أخرى على بعد آالف الكيلومترات. هذا الواقع يستدعي
تنسيقًا دقيقًا بين الدول لتعزيز آليات التحقيق والمالحقة، وتطوير بنية تشريعية
وتقنية مشتركة قادرة على مجابهة هذا النوع من التهديدات.
-78 انضمام المغرب إلى اتفاقية بودابست بشأن الجرائم السيبرانية، يعكس وعيه
بأهمية التكامل الدولي لمواجهة الجرائم الرقمية، كما أتاح له الوصول إلى أدوات ومعايير
دولية تعزز من كفاءته في مالحقة المجرمين الرقميين.
-79 يجب تطوير القوانين المحلية باستمرار لتواكب التطورات السريعة في الجرائم
السيبرانية، مع ضمان احترام حقوق األفراد وحرياتهم الرقمية.
-80 ينبغي تعزيز برامج التوعية المجتمعية لتمكين األفراد من فهم التحديات الرقمية
وطرق التصدي لها، مما يساهم في تقليل المخاطر الناجمة عن االستخدام غير اآلمن
للفضاء الرقمي.
-81 تطوير تقنيات الرصد والكشف عن الجرائم الرقمية أحد الركائز األساسية لتعزيز
الحماية. يمكن تحقيق ذلك من خالل االستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتدريب
الكفاءات الوطنية المتخصصة.
-82 تحديث القانون 09.08 المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي ليتماشى مع التطورات التكنولوجية الحديثة.
-83 دعم الشركات الناشئة التي تقدم حلوال مبتكرة لحماية البيانات الشخصية.
أكاديمية دكالة للدراسات القانونية والقضائية والبحث العلمي 100 توصية علمية من أجل تحصين
ومركز المنار ة للدراسات واألبحاث ونادي المحامين الشباب بالجديدة الخصوصية والحياة الخاصة لألفراد في المغرب
43 / 47
-84 تعزيز حماية األطفال والقصر من خالل وضع سياسات خاصة لحماية بيانات األطفال
والمراهقين على اإلنترنت.
-85 توعية األهالي والمربين بأهمية حماية خصوصية األطفال في البيئة الرقمية.
-86 ضمان سرية معلومات المرضى وعد استخدامها إال ألغراض طبية محددة.
-87 تعزيز أنظمة أمان الشركات والبنوك.
-88 حماية بيانات الطالب والمعلمين من االستخدام غير المصرح به.
-89 التأكيد على أن بيع أو مشاركة بيانات العمالء دون موافقتهم الصريحة جريمة
معاقب عليها دوليا.
-90 توفير خيارات للمستخدمين للتحكم في نوعية اإلعالنات التي يرونها.
-91 تعزيز حماية البيانات في الحوسبة السحابية.
-92 تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي وطنية وعربية.
-93 تعزيز الحوكمة الرقمية وحوكمة أنظمة الذكاء االصطناعي.
-94 فرض تقارير دورية من الشركات الرقمية حول سياسات الخصوصية وإجراءات حماية
البيانات.
-95 إجبار الشركات على تبني مبدا الحد األدنى من جمع البيانات.
-96 تطوير المواقع اإللكترونية المغربية والرفع من جودتها.
-97 توقيع اتفاقيات تعاون مع الدول الرائدة في مجال حماية البيانات لالستفادة من
خبرتها.
-98 إطالق منصة دولية لتبادل المعلومات حول انتهاكات الخصوصية والتصدي لها
بفعالية.
-99 إدراج مواضيع حماية الخصوصية في المناهج التعليمية على مختلف المستويات.
-100 العمل الجاد على بلورة وإعمال مختلف هذه التوصيات والنتائج وعدم بقائها حبرا
على ورق.
ا