تعد جريمة خيانة الأمانة من جرائم الاعتداء على الأموال ويمكن تعريفها بأنها ”استيلاء الجاني على مال مملوك للشخص أخر وذلك بخيانة ثقة المجني عليه من طرف الجاني الذي سلمه هذا المال على سبيل الوديعة فخان ثقته فيه واستولى عليه بنيه تملكه. ” فجريمة خيانة الأمانة تعد كيانا مستقلا تمييز لها عن باقي جرائم الأموال لا من ناحية الأركان ولا في ما يتعلق بالعقاب.
تعريف خيانة الأمانة
“هي تبديد الأمانة بسوء نية أضرارا بالضحية التي قدمه إياه بصفة مؤقتة بمقتضى عقد من عقود الأمانة “.
يتبين أن القانون الجنائي عقوبة خيانة الأمانة في المغرب جنحة خاصة وميزها عن السرقة لكون الشيء يسلمه الضحية إلى الفاعل بموافقته نتيجة علاقة ما بينهم ثم يتضح لهذا الضحية أن ثقته وضعت في غير محلها.
كما ميزها عن النصب من حيث إن خائن الأمانة لم يخدع الضحية كي يتسلم الشيء الذي اختلسه أو بدده.
الفرق بين السرقة وخيانة الأمانة
تشترك كلتا الجريمتين في عنصر الحيازة على الملكية الخاصة ولكن هناك اختلاف في ركن أساسي وهو أن الجاني في جنحة السرقة يأخذ الشيء من حيازة فرد آخر دون موافقته. أما في جريمة خيانة الأمانة فالمال متروك تحت يد الشخص على سبيل الأمانة بمقتضى عقد أو اتفاق ثم يمتلكه الجاني ويحوله منفعته الخاصة:
- السرقة : هي اختلاس منقول أو مال مملوك للشخص وتتم بانتزاع المال من حيازة شخص بغير موافقته.
- أما في خيانة الأمانة فالشيء المختلس يكون في حيازة الجاني بصفة قانونية وبموجب عقد ثم تنصرف نية الحائز إلى امتلاكه.
أركان جريمة خيانة الأمانة
تنحصر العناصر المكونة بعقوبة خيانة الأمانة في المغرب على ست عناصر وهي كما يلي:
1) الاختلاس والتبديد
2) الاختلاس بسوء نية
3) الاختلاس أضر بالمالك أو واضع اليد
4) طبيعة الشيء المختلس
5) تسليم الأشياء بصفة مؤقتة
6) تسليم الشيء بموجب عقد حدده القانون.
1-الاختلاس أو التجديد
تتطلب هذه الجريمة أحد من الأمرين أما اختلاسا أو تبديدا، إلا أن أختلافا حول كلمة اختلاس الذي اكدها القانون الجنائي للسرقة في المادة 505 وهو يعرف جنحة خيانة الأمانة.
والاختلاس هو تملك شيء ليس من السهولة تحديده وتعد هذا من الصعوبات القانونية للاكتشاف، غير صفة وضع أو حيازته للشيء الذي كانت قبل ذلك تملك الشيء استقبالا مع عدم وجود أي شيء مادي يساعد على ترجمة إدارة مرتكب هذا الفعل.
والجدير بالأهمية إلى أن مجرد الإهمال والتأخير في رد الشيء المؤتمن عليه لا يعد جنحة.
2- الاختلاس أو التبديد بسوء نية
إن جنحة خيانة الأمانة تفترض لدى فاعلها النية الإجرامية واستنادا إلى ذلك فإن عقوبة خيانة الأمانة في المغرب ليس من الضروري أن يتملك الفاعل الشيء، بل بمجرد أن يعلم أنه يجوز امتلاكه وأن استحالة الرد متوافرة أو في الأقل عرض الشيء للخطر وبذلك يعرض للعقاب أما إذا حدث الإتلاف نتيجة لحدث فجائي من الصعب عليه تلافيه فعندها تنعدم النية الإجرامية ولا نكون أمام جريمة خيانة الأمانة.
3- الاختلاس أضر بالمالك أو وضع اليد
يجب أن ينتج من هذا الاختلاس أو التبديد ضرر أما امتلاك الشيء أو وضع اليد عليه ولا يشترط أن يكون هذا الضرر محققا بل يكفي أن يكون احتماليا. وفي عقوبة خيانة الأمانة في المغرب تتحقق جنحة الأمانة بمجرد أن يتوقع الفاعل بأن عمله سينتج عنه ضرر من هذه اللحظة تعد الجريمة نافذة، لا ينفيها الرد أو إصلاح الضرر.
4- طبيعة الشيء المختلس
لا تتصور عقوبة خيانة الأمانة في المغرب في ميدان المنقولات بنص المادة رقم 547 من القانون الجنائي أما العقار فلا تتصور فيها لأن المستأجر الذي سيبقى شاغلا المحل المؤجر له بعد انتهاء عقد الإيجار لا يعد مرتبكا لجريمة خيانة الأمانة.
5- تسليم الأشياء بصفة مؤقتة
من العناصر الأساسية التي تتطلبها عقوبة خيانة الأمانة في المغرب تسليم الشيء إلى الفاعل ويجب أن يحمل للتسليم على حيازة مؤقتة لا على نية التملك كما ينبغي أن يتم على شرط الرد أو يقدم مرة أخرى أو يستخدم لغاية معينة، ولا يهم أن يقوم الغير بنقل الشيء إلى الفاعل أو نقله قاصدًا من طرف المالك.
6- تسليم الشيء بموجب عقد حدده القانون
بالإضافة إلى أنة يتم تسليم الشيء المؤتمن عليه بواسطة أحد العقود المحددة حصرا في الفصل 547 من عقوبة خيانة الأمانة في المغرب وهى عقود أمانة، فإذا تعلق الأمر بعقد غير تلك العقود المشار إليها في المادة السابقة فان خيانة الأمانة تنعدم لان هذا الاحتفاظ ليس بمقتضى عقد.
عقوبة خيانة الأمانة في المغرب
نص المشرع في المادة 547 على أن عقوبة خيانة الأمانة في المغرب “من اختلس أو بدد بهدف الأضرار بالمالك أو أوراق كانت سلمت إليه على أن يردها، أو لاستخدامها لهدف معين، يعد خائنا للأمانة ويعاقب بالسجن من ستة إلى ثلاث أعوام وغرامة من مئة وعشرين إلى ألفي درهم.
وإذا كان الضرر الناتج قليل القيمة، كانت عقوبة خيانة الأمانة في المغرب السجن من شهر إلى عامين والغرامة المشددة المذكورة في الفصلين 549 و 550″.
تخفيف العقاب في هذه الجريمة
خفف المشرع عقوبة خيانة الأمانة في المغرب في الفقرة الأخيرة من الفصل 547 ق ج إذا لم يرافقها أي ظرف مشدد من الظروف المشار إليها في الفصل 549 و 550 ق ج وجعلها من شهر إلى سنتين)جنحة ضبطية(وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين
درهما، إذا كان الضرر الناجم عن الجريمة قليل القيمة.
تشديد عقاب الجريمة
شدد المشرع على عقوبة خيانة الأمانة في المغرب على الجاني في الفصلين 549 و 550 ق ج.
فبمقتضى الفصل 549 ق ج تشدد عقوبة خيانة الأمانة فتصبح الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمس آلاف درهم في الحالات الاتية:
- إذا ارتكبها حارس قضائي أو مشرف قضائي وذلك أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها.
- إذا ارتكبها مستأجر أو موكل، وأضر بمستخدمه أو موكله.
عقوبة خيانة الأمانة في الإسلام
بعد أن ذكرنا عقوبة خيانة الأمانة في المغرب من حيث القانون الجنائي، قد حث الشرع على حفظ الأمانة ونهى عن تضييعها وأمر بأدائها إلى أهلها حيث قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} قال الإمام ابن كثير في تفسيره : يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وفي حديث عن الرسول : أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
وهذا يعم على جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والصيام وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه، ومن حقوق على بعضهم كالأموال وغير ذلك، فأمر الله سبحانه وتعالى برد الأمانة إلى أهلها ومن لم يفعل في الدنيا أخذ منه في الأخرة، كما ثبت في الحديث الشريف قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء.