جريمة غسيل الأموال في التشريع المغربي
الباحث مصطفى البركي
مقــــــدمة:
ظهرت الجريمة بظهور الإنسان، وتنوعت أساليبها، واختلفت أشكالها، مع تطور البشرية، فالجريمة ظاهرة قديمة قدم البشرية، متغيرة بتغير الزمان و المكان.
وفي العصر الحالي الذي يمتاز بأنه عصر العولمة، واقتصاد السوق، والتحرر الاقتصادي، عصر تذوب فيه الحدود و تختفي فيه الحواجز، وتتطور فيه وسائل الاتصال بصورة سريعة، برز إلى السطح نوع جديد من الجرائم لم يكن معروفا من قبل، إنها الجرائم المنظمة والاقتصادية، هذه الجرائم كثيرة و متعددة، ولعل أهمها جريمة غسل الأموال، التي برزت إلى السطح كجريمة اقتصادية دولية خطيرة، تهدد الاستقرار والأمن العالمي الوطني و الدولي، وفي ظل التطورات السابقة و تراجع القيم الأخلاقية وضعف الوازع الديني وحب السيطرة و الزعامة، المقترنة بضعف الأطر القانونية و المؤسساتية للدول،و التي تدفع الفرد إلى إيجاد سبل ووسائل جديدة للكسب و لتغطية حاجياته التي لا تنتهي، محاولا البحث عن فرصة لتغطية عائدات الجرائم، وتعزيز الأنشطة الإجرامية، وإضفاء الشرعية على أمواله التي اكتسبها بصورة غير مشروعة، متجاهلا الآثار التي تخلفها أفعاله، وتأثيرها السلبي على مختلف جوانب المجتمع، الاجتماعية منها والاقتصادية و الأمنية وحتى السياسية[1].
هذه الظاهرة بالصفة التي ذكرناها استرعت اهتمام الرأي العام الدولي والوطني إلى ضرورة مكافحتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة للعمل على الحد من نشاط الظاهرة.
ومع نهاية الثمانينات نظمت الجهود الدولية في محاولة منها لإيجاد إطار قانوني و مؤسساتي لمكافحة عملية غسيل الأموال، والحد منها، وهو ما نتج عنه إبرام و توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية تحت إشراف أكبر المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة التي أبرمت في إطارها أول اتفاقية عالمية عنيت بمكافحة غسيل الأموال، وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية عام 1988 المعروفة باسم اتفاقية فيينا، التي دعت الدول إلى تجريم ظاهرة غسل الأموال و النص على عقابها.
وعلى هذا الأساس و تنفيذا لهذا الالتزام الدولي عمدت العديد من الدول إلى إصدار تشريعات خاصة بمكافحة نشاطات غسل الأموال، أو إلى تعديل تشريعاتها القائمة بهدف استيعاب هذه الظاهرة، وهكذا برزت قناعة المشرع المغربي بضرورة الحاجة إلى إيجاد استراتيجية لمواجهة هذه الجريمة، فأصدرقانون خاص بالوقاية من جريمة غسل الأموال،وعدل الكثير من مواد القانون الجنائي، وذلك في إطار المواجهة التشريعية لظاهرة غسل الأموال.
ويمكن تعريف جريمة غسل الأموال[2] بأنها إخفاء حقيقة الأموال المستمدة من طريق غير مشروع عن طريق القيام بتصديرها أو إيداعها في مصارف دول أخرى أو نقلها أو إيداعها أو استثمارها في أنشطة مشروعة للإفلات بها من الضبط و المصادرة وإظهارها كما لو كانت متحصلة من مصادر مشروعة، سواء كان الإيداع أو النقل أو التحويل أو التوظيف أو الاسثتمار قد ثم في دول متقدمة أو دول نامية، أو هي عملية تهدف إلى إخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع ومحاولة إضفاء الشرعية عليه وإظهاره كما لو كان ناتجا من أنشطة مشروعة.
v أهمية الموضوع:
تتجلى هذه الأهمية في كون أن هذا الموضوع يلقي الضوء على جريمة من أكثر الجرائم انتشارا في هذا الوقت الراهن ألا وهي جريمة غسل الأموال، مع بيان الكيفية التي تعامل بها المشرع الوطني و المقارن مع هذه الآفة الخطيرة.
v دوافع اختيار الموضوع
يرجع اهتمامنا بدراسة هذا الموضوع إلى جملة من الأسباب العلمية و العملية أهمها:
الأسباب العلمية:تتمثل في:
– محاولة إيجاد الإطار القانوني لظاهرة غسل الأموال.
– البحث عن الكيفية التي تعامل بها المشرع المغربي مع جريمة غسل الأموال
– اعتبار غسل الأموال من مواضيع البحث الجديدة التي تقل و تندر فيها الدراسات القانونية المتخصصة، خاصة في المغرب
الأسباب العملية:تتمثل في:
– تفشي ظاهرة غسل الأموال على المستوى الوطني والدولي، مع ضرورة مكافحتها على الصعيدين الوطني و الدولي.
– الخطورة المتزايدة لهذه الجريمة، وجسامة الأضرار التي تلحقها بالاقتصاد المحلي و الدولي، واعتبارها من أهم التحديات التي تواجه المشرع للحد منها و مواجهتها.
– محاولة معرفة الجزاء الجنائي الأنسب الذي يمكن من خلال تطبيقه مكافحة ظاهرة غسل الأموال.
– الاهتمام المتزايد لهذه الظاهرة على المستوى الدولي، ودعوة المشرع الدولي للدول إلى إصدار تشريعات داخلية تجرمها وتعاقب عليها
– لفت انتباه الدارسين والمختصين إلى ضرورة البحث في هذا الموضوع.
– العمل على إضافة جديدة- ولو نسبية- في مجال القانون الجنائي لأعمال، لإثراء المكتبة العربية عموما و المغربية على وجه الخصوص.
v إشكالية الموضوع
يثير موضوعنا هذا إشكالية محورية تتمثل في:
إلى أي مدى نجح المشرع المغربي في وضع منظومة قانونية ورسم سياسة جنائية متكاملة و فعالة بهدف السيطرة على جريمة غسل الأموال و الحد من إفرازاتها الخطيرة و السلبية على المجتمع المغربي مقارنة مع بعض التشريعات الدولية الأخرى؟
إن تحديد الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة لا يمنع من إدراج عدد من الأسئلة الفرعية أو الجزئية التي ارتأينا بأنها ضرورية في سياق هذا البحت و تتمثل فيما يلي:
– ما هي أركان وخصائص جريمة غسل الأموال؟
– وما هي أساليب غسل الأموال و المراحل و العمليات التي تمر بها هذه الجريمة كي يكتمل بنيانها القانوني؟
– ماهي الآثار الاجتماعية ، الاقتصادية ، السياسية و الأمنية المترتبة على جريمة غسل الأموال؟
– ماهي العقوبات والسبل التي سنها المشرع الوطني في سبيل الحد من هذه الظاهرة؟
v المنهج المعتمد
إن دراسة أي موضوع قانوني تقتضي بالضرورة الاعتماد على بعض المناهج العلمية المؤطرة للموضوع، وفي سبيل هذا اعتمدنا على البعض منها، خصوصا المنهج المقارن ،وذلك من خلال المقارنة بين كل من موقف المشرع المغربي و التشريعات الأخرى حول كيفية تعاملهما مع جريمة غسل الأموال، بالإضافة إلى المنهج التحليلي و ذلك من خلال تحليل النصوص القانونية المنظمة و المتعلقة بجريمة غسل الأموال.
v خطة البحث:
لمعالجة هذا الموضوع ارتأينا تناوله من خلال:
Ø المبحث الأول:أحكام جريمة غسل الأموال
Ø المبحث الثاني:آثار جريمة غسل الأموال وعقوبتها
تشكل الأموال عصب الاقتصاد الذي يعتبر عماد الحياة المعاصرة وأحد مقومات الأنظمة السياسية و الاجتماعية السائدة في العالم، ويقاس رقي وتقدم الشعوب برقي وتقدم اقتصادها، ولا شك في أن سلامة الاقتصاد الوطني عامل أساسي في استقرار الحياة السياسية و الاجتماعية، إذ يوفر التوازن بين الإمكانات و الرغبات، مما يعطي للسياسة مفهومها الأصيل.
وتعتبر ظاهرة تبييض الأموال أو غسل الأموال، أخطر ظواهر عصر الاقتصاد الرقمي، باعتبار أنها التحدي الحقيقي أمام مؤسسات المال و الأعمال وبالنظر لكونها ترتبط بأنشطة غير مشروعة و عمليات مشبوهة يتحقق منها دخول طائلة تؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي و العالمي.
وتشمل عمليات تبييض الأموال مجموعة الأنشطة التي تتم بعيدا عن أجهزة الدولة القانونية، وهذه الأنشطة تمثل مصدرا للأموال الغير مشروعة، والتي يحاول أصحابها تبييضها في مرحلة تالية وذلك بإجراء مجموعة من العمليات و التحويلات المالية والعينية على هذه الأموال لتغيير صفتها الغير المشروعة، وإدخالها ضمن نظام شرعي لإكسابها صفة المشروعية، وبذلك تهدف عمليات تبييض الأموال إلى إخفاء مصادر أموال المجرمين و تحويلها بعد ذلك لتبدو كاستثمارات قانونية.
ولذلك سارع المشرع الوطني و الدولي بتجريم هذه الظاهرة، حيث صدرت اتفاقية فيينا عام 1988 في شأن مكافحة الاتجار بالمخدرات و الأموال المتحصل عنها واستخدامها في جريمة غسل الأموال، وكذلك صدر عن الأمم المتحدة القانون النموذجي عام 1995 في شأن مكافحة جريمة غسل الأموال[3]، أما في ما يخص التشريع الوطني فقد صدر القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال بتاريخ 17 أبريل [4]2007و الذي عرف من ذلك التاريخ ثلاث تعديلات في ظرف زمني جد قصير، بموجب ظهير 20 يناير 2011، وبموجب ظهير 02 ماي 2013، وبموجب ظهير 19 سبتمبر 2016، ومرد هذه التعديلات المتكررة هو حرص المشرع المغربي على الإسهام في الجهود الدولية المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية الخطيرة.
المبحث الأول:أحكام جريمة غسل الأموال
لكي نكون أمام جريمة غسل الأموال بمفهوم القانون 43.05، لابد من استجماع الفعل المرتكب لمجموعة من الأركان ، و عند استجماع هذه الأركان نكون بذلك إزاء ما يسمى بجريمة غسل الأموال، هذه الجريمة التي تتميز بمجموعة من المميزات و الخصائص التي تميزها عن غيرها من الجرائم والأفعال المحظورة(المطلب الأولى)، كما أن تنفيذ هذه الجريمة يمر بمجموعة من المراحل وعن طريق مجموعة من الوسائل(المطلب الثاني).
المطلب الأول:أركان وخصائص جريمة غسل الأموال
تتميز جريمة غسل الأموال بمجموعة من الخصائص و المميزات، التي تظهرها كجريمة مختلفة و متميزة عن غيرها من الجرائم(الفقرة الثانية)، غير أن قيام هذه الجريمة يبقى رهينا بتوفرها على مجموعة من الأركان(الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى:أركان جريمة غسل الأموال
إن جريمة غسل الأموال مثلها مثل باقي الجرائم يتطلب تحققها توافر الركن القانوني والركن المادي و الركن المعنوي(ثانيا)، لكن ما يميز هذه الجريمة عن غيرها هو أنه يتعين توافر بالإضافة إلى هذه الأركان الأساسية، ركن أخر ألا وهو الركن المفترض والمتمثل في وقوع جريمة سابقة على وقوع النشاط والتي هي مصدر المال غير المشروع(أولا)
أولا:الركن المفترض
تعد جريمة غسل الأموال، من الجرائم التبعية[5] التي تتطلب وجود جريمة سابقة لها هي مصدر الأموال غير المشروعة، وهذه الأخيرة هي محل عملية غسل الأموال قصد تبييضها و إدماجها في الدورة الاقتصادية كأموال محصلة من عمل مشروع، والركن المفترض[6] في جريمة غسل الأموال هو الجريمة الأولية، فإذا تخلفت هذه الأخيرة فلا يمكننا الحديث عن جريمة غسل الأموال من الأساس.
وإذا كانت هناك من التشريعات التي لم تحصر الجرائم الأولية[7]، فإن التشريع المغربي عكس ذلك، اعتمد الأسلوب الحصري و اللائحي في تحديد الجرائم[8] التي اعتبرها محلا لجريمة غسل الأموال، وذلك من خلال الفصل 574.2 من القانون 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال[9]، والذي حدد فيه المشرع قائمة تضم 24 صنفا من الجرائم، كما وسع المشرع المغربي من نطاق ارتكاب هذه الجرائم، بحيث عاقب عليها ولو ارتكبت خارج التراب المغربي[10]، وهذا التعداد الحصري الذي اعتمده المشرع المغربي يستجيب نسبيا للمعايير الدولية، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية لسنة 1998، والتوصيات الأربعون الصادرة عن قوة المهمات المالية fate لسنة 1990، والتي عدلت سنة 2003[11].
ثانيا:الأركان الأساسية
وتتمثل هذه الأركان فيما يلي:
- الركن القانوني: يعتبر الركن القانوني أو الشرعي من بين الأركان الأساسية لقيام جريمة غسل الأموال، والركن القانوني كما هو معلوم هو نص التجريم، الذي يجرم الفعل و يعاقب عليه وذلك وفقا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يقضي بأنه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص،فلا يحق متابعة الشخص و معاقبته من أجل فعل ما، إذا لم يكن هذا الفعل مجرما، ويمكن القول في هذا الصدد أن التشريع المغربي كان يعرف فراغا تشريعيا قبل صدور القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال الصادر بتاريخ 17-04-2007، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي تأخر كثيرا قبل إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود، على خلاف باقي التشريعات العربية التي سارعت إلى سن تشريعات تخص غسل الأموال منذ مطلع القرن الحالي كمصر و الإمارات العربية المتحدة و الجزائر و الكويت، وانطلاقا من القانون 43.05، يكون المغرب قد تمكن من احترام التزاماته الدولية، واستجاب للتوصيات العالمية، ويحدد هذا القانون الأفعال المجرمة و يضع العقوبات المناسبة لها.
- الركن المادي:تتفق معظم تشريعات العالم حول عدم المعاقبة على مجرد النية الإجرامية، إذ يجب أن تتجسد هذه النية مهما كانت خطورتها ودرجة عقد العزم على ارتكابها في سلوك مادي يمثل جسم الجريمة و هو ما يعبر عنه بالركن المادي للجريمة.
ويتحقق الركن المادي لجريمة غسل الأموال بالاعتداء الملموس و الواقعي على المصلحة المحمية قانونا، و به تتحقق الأفعال التنفيذية للجريمة، وتتمثل عناصر الركن المادي فيما يلي:
- السلوك الإجرامي لجريمة غسل الأموال:حدد المشرع المغربي السلوك المادي لجريمة غسل الأموال في عدة صور نص عليها في الفصل1-547، تتمثل في اكتساب أو حيازة أو استعمال أو استبدال أو تحويل أو نقل الممتلكات أو عائدات بهدف إخفاء أو تمويه مصدرها، وكذا مساعدة أي شخص متورط في إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 2-574، أو تسهيل التبرير الكاذب لمصدر الممتلكات، أو تقديم المساعدة أو المشورة في عملية حراسة أو توظيف أو إخفاء أو استبدال أو تحويل العائدات المتحصل عليها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة،أو نقل الممتلكات أو العائدات[12].
- النتيجة الإجرامية:النتيجة الإجرامية هي الأثر الذي يترتب عن السلوك الإجرامي، ويمثل مساسا بالمصلحة المحمية قانونا، بإهدارها كليا أو الانتقاص منها أو بتعريضها للخطر[13].
والنتيجة الإجرامية في جريمة غسل الأموال، تتمثل في تغيير صورة المال الذي تم الحصول عليه من وسائل غير مشروعة ليبدو في ظاهره أنه تحصل بطريقة مشروعة، ومن ثم إدخال هذا المال في الدورة الاقتصادية والظهور في مظهر مشروع
- العلاقة السببية: العنصر الثالث في الركن المادي للجريمة هو ضرورة توفر العلاقة السببية بين النشاط المحظور و النتيجة التي حصلت، بحيث لا يمكن تصور قيام جريمة قانونا إذا انتفت الرابطة السببية، وفي مجال غسيل الأموال فإن العلاقة السببية تتوافر بارتباط السلوك الإجرامي الذي انصب على مال غير مشروع متحصل عليه من إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة2-574 من القانون 05-43 ، والذي ينسب إلى الجاني بالنتيجة الجرمية، والتي تتمثل في تمويه أو إخفاء المصدر غير المشروع للممتلكات أو اكتسابها أو حيازتها أو استعمالها أو استبدالها أو تحويلها[14].
- الركن المعنوي:كما هو معلوم لا يكفي لقيام جريمة ما ارتكاب عمل مادي ينص و يعاقب عليه القانون الجنائي، بل لا بد أن يصدر هذا العمل المادي عن إرادة الجاني، هذه العلاقة تشكل ما يسمى بالركن المعنوي.
والركن المعنوي هو الحالة النفسية الكامنة وراء ماديات الجريمة، فلا يمكن مساءلة الشخص أو الحكم عليه ما لم يكن قد أقدم عن الفعل عن وعي و إرادة، ويتوفر الركن المعنوي بتوفر القصد الجنائي الذي يمكن أن يكون قصدا عاما أو قصدا خاصا، والسؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هل يمكن أن ترتكب جريمة غسل الأموال عن طريق الخطأ؟.
بالرجوع إلى اتفاقية فيينا لسنة 1988، فإن الركن المعنوي الذي نصت عليه هو القصد الجنائي العام بعنصريه العلم و الإرادة، لذا فإنه لا يمكن أن ترتكب هذه الجريمة عن طريق الخطأ.
أما بخصوص المشرع المغربي فقد اعتبر جريمة غسل الأموال جريمة عمدية وتتطلب القصد العام بالإضافة إلى القصد الخاص، والذي يتوفر إذا كان المجرم قد قصد من نشاطه إخفاء المال أو تمويه مصدره أو مكانه حيث نص المشرع المغربي في الفصل 1-547 من القانون05-43 على أنه”تكون الأفعال التالية جريمة غسل الأموال عندما ترتكب عمدا و عن علم“، وهو نفس النهج الذي اتبعه المشرع المصري، بحيث اعتبر بأن جريمة غسل الأموال، جريمة عمدية وتتطلب القصد العام.
الفقرة الثانية:خصائص جريمة غسل الأموال
تتميز جريمة غسل الأموال بمجموعة من الخصائص، تميزها عن الجرائم العادية، وهذا ما يزيد من خطورتها ويجعل مهمة التحقيق في عناصر ارتكابها معقدة، وتتجلى هذه الخصائص فيما يلي:
- جريمة غسل الأموال جريمة تبعية:تعتبر جريمة غسل الأموال جريمة تبعية، لكونها تفترض وقوع جريمة أصلية سابقة عليها، حقق مرتكبها فائدة أو منفعة معية، وهي مصدر الأموال غير المشروعة
- جريمة غسل الأموال جريمة اقتصادية:الجريمة الاقتصادية هي كل فعل أو امتناع له مظهر خارجي، يخل بالنظام الاقتصادي و الائتماني للدولة يحظره القانون[15].
فإذا كانت الجرائم العادية تمس الفرد في جسمه أو سمعته، فإن الجريمة الاقتصادية تمس المصالح الاقتصادية للدولة، والأثر المترتب عنها هو الإضرار بالمال العام إما بالاستيلاء عليه أو عدم المحافظة عليه، وهي من الجرائم التي تعتبر سريعة التغيير نظرا لتغير الظروف الاقتصادية[16]، وجريمة غسل الأموال تعتبر من الجرائم الاقتصادية المستحدثة.
- جريمة غسل الأموال جريمة منظمة، وعابرة للحدود:باعتبار جريمة غسل الأموال من الجرائم الدولية الخطيرة، والتي تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني نجد أنها في أغلب الحالات تكون جريمة منظمة، تفرض تعدد الجناة ووحدة الجريمة ماديا ومعنويا، بحيث يساهم كل واحد منهم بعنصر أو أكثر من العناصر المؤثرة في الجريمة، وهذا ما يجعلها جريمة معقدة بامتياز، مما يتطلب معه تضافر الجهود الدولية، وتقديم المساعدات بين الدول وتبادل الخبرات و المعلومات لوضع حد لهذه الجريمة والوقاية منها[17].
المطلب الثاني:مراحل ووسائل ارتكاب جريمة غسل الأموال
يتم ارتكاب جريمة غسل الأموال عن طريق مجموعة من الطرق و الأساليب(الفقرة الثانية)، كما يمر تنفيذها عبر مجموعة من المراحل(الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى:مراحل ارتكاب جريمة غسل الأموال
يمكن إجمال المراحل التي تتم بها عملية تبييض الأموال في ثلاث مراحل كبرى وهي:التوظيف، التمويه، الدمج :
- مـــــــــرحلة الإيداع أو التوظيف:وهي المرحلة التمهيدية لغسل الأموال، و التي يقوم فيها أصحاب الأموال المكتسبة من الأنشطة غير المشروعة بإدخال أموالهم و توظيفها وإيداعها في الدورة المالية أو الاقتصادية[18]، بحيث يتم تحويل الأموال إلى ودائع مصرفية أو إلى أرباح وهمية[19]، أي أن المنظمات الإجرامية تكون قد تحصلت على الأموال الناتجة عن الأفعال الجرمية ، و تبحث عن الطرق و السبل الكفيلة بالتخلص منها[20] عن طريق إيداعها في المؤسسات المالية لتصبح أموالا مشروعة.
فالتوظيف يكون هدفه أن يقوم المبيض في البداية بإيداع الأموال في أحد البنوك بطريقة لا تجلب الشكوك لتبدو شرعية، ليقوم في وقت لاحق بنقل تلك الأموال من المصرف، وتعتبر مرحلة الإيداع من أصعب مراحل تبييض الأموال وأخطرها، نظرا لما يحيط بها من مخاطر الانكشاف[21].
- مـــــــرحلة التمويــــــــه: يقصد بها إخضاع الأموال القذرة المراد غسلها لعمليات مالية معقدة[22]،وتتم هذه المرحلة من خلال سلسلة من العمليات التي تقوم بها المنظمات الإجرامية مباشرة بعد مرحلة الإيداع، وذلك لإخفاء المصدر غير المشروع لأموال[23]، حيث بعد دخول الأموال في النظام المصرفي يتم إخفاء علاقة هذه الأموال بمصادرها غير المشروعة، عن طريق القيام بالعديد من العمليات المصرفية كالإيداع أو السحب،وهي بلى شك مرحلة معقدة يتم فيها فصل الأموال القذرة عن مصدرها بعدة عمليات معقدة، والهدف من هذه المرحلة هو تضليل الجهات الرقابية والأمنية و القضائية من معرفة المصدر غير المشروع، حيث غالبا ما يكون الأشخاص الذين يقومون بغسل الأموال يملكون مشاريع أو استثمارات قانونية وهذا ما يسهل عليهم عملية التمويه أو التضليل، وفي هذه المرحلة تواجه الجهات المكلفة بالبحث و التحري صعوبات معقدة نظرا لانتقال الأموال بسرعة عبر البنوك ليتم دمجها مع الأموال المشروعة وهي المرحلة الأخيرة.[24]
- مــــــــــرحلة الدمــــــج:تعتبر مرحلة الدمج أو الإدماج آخر مرحلة من مراحل غسل الأموال، حيث يعاد من خلالها ضخ الأموال في الاقتصاد مرة أخرى كأموال عادية سليمة، تكتسب مظهرا مشروعا و قانونيا، بحيث يتم إشراك هذه الأموال في مشروع تجاري آخر معروف بمشروعيته[25]، فهذه المرحلة تؤمن الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروة ذات المصدر غير المشروع، لتوضع الأموال المبيضة مرة أخرى في عجلة الاقتصاد بطريقة يبدو معها أنها أموال نظيفة ومن مصدر مشروع [26]
الفقرة الثانية:أساليب غسل الأموال
تستخدم في عملية غسل الأموال أساليب و طرق عديدة ومتنوعة تختلف باختلاف ظروف كل عملية من حجم الأموال و طبيعة قوانين البلد محل العملية، كما أن التطور التكنولوجي الذي عرفه مجال نقل و تحويل الأموال ساهم في خلق أساليب جديدة لغسل الأموال، وهذه الأساليب هي:
- المصارف المالية:تعد المصارف هي الوسيلة الأكثر استخداما في عملية غسل الأموال، حيث كانت و ما تزال هي الملاذ المفضل الذي يلجأ إليه غاسلوا الأموال من أجل إيداع أموالهم وتحويلها ونقلها إلى الخارج عن طريق مجموعة من العمليات التي تتيحها البنوك و المصارف من قبيل تحويل الأموال النقدية، القروض، شراء وبيع بطاقات الائتمان، أوامر الدفع المصرفية، شراء الأسهم والسندات
- استخدام الشركات الوهمية:تعد هذه الطريقة من الطرق التقليدية لعملية غسل الأموال، حيث يتم إنشاء مجموعة من الشركات الوهمية او الصورية كستار لإخفاء المصدر غير المشروع لأموال القذرة، ويتم بإنشاء إحداها في بلد معين تتميز تشريعاته الضريبية و المالية و الرقابية بالتساهل و عدم التعقيد، وتعتبر تلك الشركات هي الواجهة المشروعة لأموال القذرة[27].
- الصفقات الوهمية: تستخدم الصفقات الوهمية كإحدى الوسائل التقليدية في عمليات غسل الأموال، ويأتي ذلك من خلال استخدام الأسعار العالمية وتضخيم الأرقام الفعلية واستخدام الفواتير المزيفة، وكل ذلك لغاية تبرير الأموال المتحصلة من العمل غير المشروع[28].
- الحساب البنكي المزدوج:وذلك من خلال وضع شخص ما أموال متحصل عليها من إحدى الجرائم في حساب لدى إحدى البنوك، تم يقوم بعد ذلك تحت اسم مستعار باقتراض المبلغ المودع من نفس البنك، ثم يقوم بعد ذلك برد الفوائد المستحقة على مبلغ القرض بواسطة الفوائد المتحصلة من الحساب الأول[29].
- استخدام البورصة:وذلك عن طريق شراء و بيع الأوراق المالية بين مضاربين متواطئين تدار حساباتهم بواسطة سمسار واحد(شركات السمسرة)، ويعد غسل الأموال عن طريق البورصة أرقى درجات التمويه، الأمر الذي يطرح صعوبة تتبع أثر هذه الأموال لاسيما وأن البورصة مكان عمومي، كما أن الغاسلون يعمدون للخسارة لإضفاء طابع المشروعية على أموالهم، ثم يكلفون من يعيد شراء تلك الأسهم بكثافة للرفع من قيمتها وهو ما يؤدي إلى وضعية يصبح معها الربح معكوسا، كما أن غسل الأموال عن طريق البورصة قد يكون أداة جوهرية لأزمات البورصة العالمية، و كنموذج لذلك نجد بورصة طوكيو التي عرفت في العقد الثامن من القرن العشرين عجزا يقدر ب300 مليار دولار،لعبت فيها المنظمات الإجرامية دور كبير قدر ب30 في المئة من العجز[30].
- تجارة المعادن النفيسة و التحف النادرة:قد يتم غسل الأموال عن طريق تجارة المعادن كالذهب و الماس و الفضة واقتناء التحف و الآثار التي يسمح بتداولها، ومن المعروف أنها تكون عادة نسخة واحدة وشرائها أو بيعها لا يثير أية شبهات على عمليات البيع و الشراء أو إعادة البيع التي يتم تسجيلها، فيقوم غاسلو الأموال باستغلال المؤسسات التي تعمل في هذا المجال لتقوم بشراء هذه المقتنيات لحسابهم بأموال غير مشروعة، تم يعاد بيعها مرة أخرى.
- المراهنات الرياضية:هذا الأسلوب يعد من أقدم الوسائل المستخدمة في عملية غسل الأموال، وهو يتم في الكازينوهات وصالات القمار، حيث يتم استبدال النقود بفيشات القمار التي تحول بعد مدة قصيرة إلى أوراق نقدية أو شيكات بنكية تمكن المجرمين من تبرير حيازة الأموال فيما لو سئلوا عن مصدرها من طرف الجهات المختصة.[31]
- بنوك الإنترنت:وهي من أخطر وسائل التكنولوجيا الحديثة، وهي عبارة عن وسيط في القيام ببعض العمليات المالية وعمليات البيوع، وتتيح هذه البنوك لمرتكبي جريمة غسل الأموال نقل و تحويل كميات كبيرة من الأموال بسرعة و أمان يوميا في أكثر من بنك حول العالم[32]، هذه البنوك تعمل في جو من السرية و غير خاضعة لأية قوانين رقابية إذ يكون من المستحيل تعقب وكشف أنشطة هؤلاء الأشخاص، مما يجعل بنوك الإنترنت الوجهة المفضلة لغاسلي الأموال لعدم وجود القدرة المعلوماتية للأجهزة الحكومية على تتبعهم، فالمجرم المعلوماتي يطور نفسه بصورة سريعة و متلاحقة على نحو يحدث إرباكا لأجهزة العدالة الجنائية[33].
- الغسل العيني للأموال:بالإضافة إلى الغسل النقدي، قد يتم الغسل عن طريق تحويل المتحصلات إلى أموال عينية ذات قيمة منقولة كانت أو عقارية، وذلك عن طريق شراء الأصول ذات القيمة العالية كالمباني و الاتجار في العقارات المبنية، ويتلخص الغسل العيني في أن يتم شراء أصول عقارية أو منقولة بأموال قذرة، تم تباع هذه العقارات أو المنقولات أو يتم تصديرها فيتعذر معرفة مصدرها[34].
المبحث الثاني:أثار جريمة غسل الأموال وعقوبتها
ترتبط ظاهرة غسل الأموال بالجريمة المنظمة العابرة للحدود و التي اكتسحت كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية في السنوات الأخيرة(المطلب الأول)، وأمام هذه الآثار السلبية و الخطيرة لجريمة غسل الأموال، كان لزاما على المشرع المغربي أن يفرد لها مجموعة من العقوبات(المطلب الثاني).
المطلب الأول:آثار جريمة غسل الأموال
لجريمة غسل الأموال مجموعة من الآثار السلبية، منها ما هو اقتصادي و اجتماعي(الفقرة الأولى)، وكذلك منها ما هو سياسي وأمني(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لجريمة غسل الأموال
سنخصص هذه الفقرة للحديث على كل من الآثار الاقتصادية لجريمة غسل الأموال(أولا)، وكذلك الآثار الاجتماعية لهذه الجريمة(تانيا).
أولا:الآثار الاقتصادية لجريمة غسل الأموال
تعرضت اتفاقية فيينا لعام 1988 في مقدمتها للأضرار التي يمكن أن تلحق بالأسس الاقتصادية و المؤسسات التجارية و المالية، نتيجة الأرباح و الثروات الطائلة التي يدرها الاتجار غير المشروع للمخدرات، وقياسا على ذلك النتائج الوخيمة المترتبة عن باقي مصادر الأموال المبيضة.
ومن أهم الآثار الاقتصادية لجريمة غسل الأموال نجد:
- الآثار المرتبطة بالدخل القومي:تعتبر الأموال الهاربة إلى المصارف الأجنبية بالخارج استقطاعات من الدخل القومي[35] للدولة التي تحققت فيها هذه الأموال، ذلك أن خروج الأموال غير المشروعة إلى خارج البلاد التي كونها أصحابها على أرضها يحرم هذه الدولة من العوائد الإيجابية التي كان يمكن الحصول عليها لوتم تشغيل هذه الأموال داخل الدولة[36]، وما يرتبط بذلك من تشغيل اليد العاملة وزيادة الإنتاج، كذلك فإن جانبا من الأنشطة المرتبطة بعملية غسل الأموال عادة ما تكون أنشطة هاربة من الضرائب المستحقة عليها وهو ما يعني انخفاض الموارد المتاحة لتمويل البرامج الاقتصادية، بالإضافة إلى أن المؤشرات الاقتصادية الكلية مثل:رقم الناتج المحلي، البطالة…. لا تكون صحيحة، مما يؤدي إلى زيادة صعوبة مهمة السلطات الاقتصادية في اتخاذ السياسات الاقتصادية السليمة، كما أنها لن تستطيع أن تحرك النشاط الاقتصادي بالشكل الذي تريده لأن جزء كبيرا من هذا النشاط لا تعلم عنه شيئا و لا تستطيع التحكم فيه[37].
وهكذا ينتج عن هذه الأنشطة غير المشروعة ما يلي:
– زيادة الدخول غير المشروعة ومن تم حصول بعض الأفراد على دخول لا يستحقونها في الوقت الذي لا يحصل فيه أصحاب الدخول المشروعة على زيادة مماثلة، وهو ما يؤدي إلى اختلاف توزيع الدخل القومي وما يتبعه من مشكلات اجتماعية واسعة.
– سوء توزيع العبء الضريبي
– الحد من فعاليات السياسات الاقتصادية حيث تتسبب الأنشطة غير المشروعة في حصول المسئولين عن صنع السياسات الاقتصادية للدولة على معلومات خاطئة عن معظم المتغيرات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها عند صنع هذه السياسات مثل:معدل النمو الاقتصادي، معدل البطالة، معدل التضخم، ومن ناحية أخرى لا يستطيع واضعوا السياسات الاقتصادية ضمان فعالية أداة اقتصادية ما، لأن جزءا من النشاط الاقتصادي خارج سيطرتهم[38].
كما تؤثر عمليات غسل الأموال تأثيرا سلبيا على توزيع الدخل القومي، نظرا لمصدر هذه الأموال غير المشروع وهذا يعني حصول فئة من المجتمع على دخل دون وجه حق، ومثل هذا الدخل يتم انتزاعه من الفئات المنتجة في المجتمع وبالتالي يحدث تحول للدخل من الفئات المنتجة التي تحصل على دخول مشروعة إلى الفئات غير المنتجة التي تحصل على دخول غير مشروعة، وأكثر الأموال التي يتم غسلها ترتبط بالتهرب من الضرائب، وهو ما يعني أن مكتسبي هذه الأموال يظلون بمنأى عن سداد حقوق خزينة الدولة والتي يعتمد عليها في تمويل الخدمات الاجتماعية [39] .
أي أن عمليات غسل الأموال تحد من قدرة الدولة على إعادة توزيع الدخل القومي بشكل أكثر عدلا وذلك من خلال النظام الضريبي، وهكذا يحدث سوء توزيع الموارد الاقتصادية في المجتمع إذ أنه في ظل المكاسب الإضافية التي يحققها القائمون بأنشطة الاقتصاد السري بسبب عدم خضوعهم لأي ضرائب أو رسوم أو قيود إدارية، فإنه يحدث تحول في تخصيص الموارد نتيجة لتلك الأنشطة الأكثر ربحا، ويؤدي ذلك إلى انخفاض كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية للمجتمع، فبدلا من أن تتجه إلى العمل في المجالات التي يحتاجها أكثر، تتجه إلى المجالات غير المشروعة لأنها الأكثر ربحا[40].
- الآثار المرتبطة بمعدل التضخم:تؤدي عمليات غسل الأموال إلى حصول أصحابها على دخول كبيرة دون أن يقابلها زيادة في إنتاج السلع و الخدمات في المجتمع مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وإذا أضيف إلى ذلك نقص معدل الادخار ونقص إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم، فإن ذلك يساهم في زيادة عجز موازنة الدولة،وبالتالي ارتفاع الأسعار وعلى المستوى الدولي تساعد عمليات غسل الأموال على تصدير التضخم من الدول الصناعية المتقدمة إلى الدول النامية بسبب خروج أموال ضخمة من الدول الصناعية إلى الدول النامية و التي يشعر أصحاب الأموال القذرة أنها أكثر أمانا لأموالهم[41].
- أثر غسل الأموال على قيمة العملة الوطنية:تؤثر عمليات غسل الأموال تأثيرا سلبيا على قيمة العملة الوطنية للدولة مصدر الأموال، بسبب ارتباط هذه العمليات بتهريب الأموال للخارج و الذي يستلزم تحويل هذه الأموال إلى العملات الأجنبية وهذا يعني زيادة الطلب على هذه العملات الأجنبية وانخفاضه على العملة المحلية و بالتالي انخفاض قيمة العملة المحلية و تدهورها.
- أثر غسل الأموال على معدل البطالة:لا يمكن الفصل بين عمليات غسل الأموال و معدلات البطالة سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية، حيث أن هروب الأموال من البلاد عبر القنوات المصرفية أو توجيهها نحو الاكتناز في صورة اقتناء الذهب أو التحف الفنية النادرة أو توجيهها إلى الإنفاق على السلع الترفيهية وغيرها، يعني تعطيل جزء من الدخل القومي عن الاتجاه للاستثمارات اللازمة لتوفير فرص عمل للمواطنين حتى يمكن تخفيض حجم البطالة[42].
- أثر غسل الأموال على الأسواق المالية:إن الأموال غير المشروعة التي يجرى تبييضها من خلال المصارف و غيرها من المؤسسات المالية، تمثل عائقا أمام تنفيذ السياسات الرامية إلى تحرير الأسواق المالية من أجل اجتذاب الاستثمارات المشروعة، وبالتالي تشويه صورة تلك الأسواق.
- أثر غسيل الأموال على النمط الاستهلاكي:إن هذه الأموال لا تنتج عن جهد إنتاجي، أي أن مكتسبي الدخل لم يتعبوا في الحصول عليها، وبالتالي لا يحرصوا عليها وينعدم ترشيد الاستهلاك ويتم الإنفاق بالتبذير[43] .
ثانيا:الآثار الاجتماعية لجريمة غسل الأموال
يمكن لنا إجمال هذه الآثار فيما يلي:
- تدني مستوى المعيشة:تؤثر عمليات تبييض الأموال في توزيع الدخل على أفراد المجتمع بكل سيء وزيادة أعباء الفقراء، واتساع الفجوة بينهم و بين الأغنياء، ويعني ذلك وجود آثار اجتماعية سلبية لتوزيع الدخل، ومن ثمة وجود علاقة وطيدة بين تبييض الأموال و اختلال الهيكل الاجتماعي، و مشكلة الفقر، وتدني مستوى المعيشة للغالبية العظمى من المواطنين في المجتمع.
ذلك أن المكسب الذي يتحقق لبعض أصحاب المداخيل غير المشروعة، ونجاحهم في تهريب الأموال وتبييضها واستخدامها، و انعكاس ذلك على تصرفاتهم الاستهلاكية ومستوى مداخيلهم و مراكزهم الاجتماعية، يؤدي إلى حدوث خلل جوهري في القيم الاجتماعية، وإعلاء قيمة المال، بصرف النظر عن مشروعيته في تحديد المركز الاجتماعي للإنسان وإهدار القيمة الاجتماعية للعمل المنتج.
- الحيلولة دون تولي أصحاب الكفاءات مجالات العمل:إن تبييض الأموال وما ينتج عنه من وجود أشخاص يمتلكون رؤوس أموال ضخمة غير مشروعة، يؤدي إلى سيطرة هذه الأقلية على المراكز الاقتصادية و السياسية، وبالتالي يمنعون أصحاب الكفاءات من الوصول إلى المراكز العليا، إما خوفا من اكتشاف حقيقة مصدر أموالهم غير المشروعة، أو خوفا من تهديد مركزهم الذي وصلوا إليه، بفضل تلك الأموال غير المشروعة[44].
- ازدياد معدل الجريمة:إن تبييض الأموال يساعد على زيادة معدل الجريمة المنظمة و غير المنظمة، ويرى البعض[45] أن تضخم الثروات و المداخيل غير المشروعة و النجاح في إخفائها و إضفاء المشروعية عليها، يجعل أصحاب هذه الترواث مصدر قوة و سطو و سيطرة على النظام السياسي و الإعلامي و القضائي، واحتمالات فرض قوتهم على المجتمع كله.
- اتساع الهوة بين طبقات المجتمع:أدت هذه الجرائم إلى حدوث اختلال طبقي بين الطبقات الموجودة داخل المجتمع، فقد جعلت هذه الجريمة من الطبقة العظيمة أو الغنية طبقة متوسطة الحال وجعلت من الطبقة المتوسطة طبقة فقيرة الحال، وأدت إلى زوال الطبقة الدنيا(الفقيرة) إلى غير رجعة.
الفقرة الثانية: الآثار السياسية و الأمنية لجريمة غسل الأموال
لا تنحصر الآثار السلبية لجريمة غسل الأموال بالجانب الاقتصادي و الاجتماعي فحسب، بل تتعداهما لتشمل مجالات أخرى، ويتعلق الأمر بكل من الجانب السياسي(أولا)، والأمني(ثانيا).
أولا:الآثار السياسية لجريمة غسل الأموال
يمكن لنا إجمال هذه الآثار فيما يلي:
- السيطرة على النظام السياسي:إن الثروات و المداخيل غير المشروعة و النجاح في إخفاءها و تمويه مصدرها و إضفاء المشروعية عليها، في إطار عمليات تبييض الأموال، تؤدي إلى جعل أصحاب هذه الثروات و المداخيل مصدر قوة وسطوة و سيطرة على النظام السياسي، وإلى احتمالات فرض قوانينهم و إرادتهم على المجتمع كله[46]
- إفساد الجهاز السياسي:إذ قد يلجأ غاسلو المال إلى تمويل الحملات الإنتخابية لبعض السياسيين حتى إذا ما نجحوا أصبحوا داعمين لهم، وقد يصل بعض رجال الإجرام المنظم أنفسهم إلى مراكز سياسية مرموقة كرئاسة الحكومة أو رئاسة الدولة[47]
- اختراق وإفساد هياكل بعض الحكومات:إن ما يجنيه مبيضوا الأموال من أرباح طائلة وثروات هائلة، مادية و غير مادية، منقولة أو غير منقولة، مكنتهم من اختراق وإفساد هياكل بعض الحكومات.
وقد توسعت ظاهرة تبييض الأموال على الصعيد الدولي لتصبح خطرا عالميا يهدد سلامة و استقرار النظم السياسية و هياكل الحكومات، مما يتطلب معه اتخاذ تدابير مضادة من جانب المجتمع الدولي ككل، من أجل حرمان المجرمين و إيراداتهم غير المشروعة من أية ملاذات أمنية، وهو ما سعى إليه المشرع المغربي من خلال القانون 05-43.
ثانيا:الآثار الأمنية لجريمة غسل الأموال
تؤدي عمليات غسل الأموال إلى العديد من المخاطر الأمنية التي تؤثر بشكل سلبي على كيان الدولة و استقرارها، ومن هذه المخاطر نجد:
- إفساد الجهاز الأمني برشوة رجال إنفاذ القوانين و رجال الشرطة
- إفساد الجهاز القضائي برشوة رجال القضاء، وفي حالة تعذر ذلك قد تلجأ المنظمة الإجرامية إلى التهديد بالقتل أحيانا، وقد يقتلون الأقارب و الحراس ليخضع لهم من يريدون منه عدم ملاحقتهم، وعلى كل حال لا يحبذ رجال الجماعات المنظمة اللجوء إلى القوة و العنف إلا كمنفذ أخير، إذ يحبذون الرشوة لأن استعمال القوة و العنف يساعد على كشف أمرهم، و بالتالي تطبيق القانون عليهم وهم يريدون دائما العمل في الظلام[48]
- تزايد عمليات غسل الأموال يؤدي إلى زيادة الإنفاق على الأمن بزيادة عدد أفراده، وتجهيزهم بوسائل التقنية المتقدمة ويكون ذلك بالتالي على حساب التنمية، مما يؤدي إلى زيادة حجم البطالة وفشل خطط التنمية
المطلب الثاني:عقوبة جريمة غسل الأموال
نظرا للآثار الخطيرة و السلبية التي تخلفها جريمة غسل الأموال، كان لزاما على المشرع المغربي أن يخصص لجريمة غسل الأموال مجموعة من العقوبات تختلف باختلاف جسامة الأفعال المرتكبة (الفقرة الأولى)، كما قرر المشرع المغربي بعض الظروف القانونية التي نؤدي إما إلى التشديد في العقوبة أو التخفيف منها أو الإعفاء منها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:العقوبات المقررة
بين المشرع المغربي من خلال قانون مكافحة غسل الأموال على أن من يسأل عن هذه الجريمة هو الشخص الطبيعي باعتباره هو المسؤول التقليدي في نطاق المسؤولية الجنائية، كما أقر أيضا مسؤولية الأشخاص المعنوية ، حيث نص على عقوبة هذين النوعين من الأشخاص بمقتضى قانون مكافحة غسل الأموال[49] وهي تشمل العقوبات الأصلية(أولا)والعقوبات الإضافية(ثانيا).
أولا:العقوبات الأصلية
- العقوبات المقررة للأشخاص الذاتيين:حدد المشرع المغربي العقوبات الأصلية المطبقة على الشخص الطبيعي في الفقرة الأولى من الفصل 3-547 من قانون مكافحة غسل الأموال، حيث جعل جريمة غسل الأموال جنحة وفرض لها عقوبة أصلية تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات حبسا وغرامة مالية من 20000 إلى 100000 درهم.
وباستقرائنا لهذا الفصل(3-547)، يتضح لنا أن المشرع المغربي عندما حدد مقدار العقوبة المقررة لهذه الجريمة، فإنه أخذ بعين الاعتبار جسامة هذه الجريمة و خطورتها على المصالح التي يحميها القانون، كما أن جريمة غسل الأموال جريمة تبعية فإنه من المنطقي أن تتصل بجرائم سابقة وبذلك فإنها تفترض سبق ارتكاب جريمة أولية.
وبخصوص التشريعات المقارنة فيسجل تباين كبير بين مختلف الدول فيما يتعلق بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة، إذ يعاقب عليها المشرع الكويتي بعقوبة تزيد عن سبع سنوات وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، في حين يعاقب عليها المشرع الألماني بخمس سنوات، وفي مقابل ذلك فإن التشريع المصري كان صارما حيث عاقب عليها بعقوبة تصل إلى سبع سنوات و الغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة[50].
- العقوبات المقررة لأشخاص المعنوية:تتمثل العقوبة الأصلية في صورتها البسيطة بالنسبة لأشخاص المعنوية في الغرامة من 50000 درهم إلى 3000000 درهم، دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن أن تلحق الأشخاص المسيرين أو العاملين بها و المتورطين في جرائم غسل الأموال عندما تثبت مسؤوليتهم الشخصية وفقا للفقرة الثانية من الفصل 3-547 من قانون مكافحة غسل الأموال.
وبالتالي نلاحظ أن المشرع المغربي عمل على رفع مبلغ الغرامات المالية التي يمكن أن يعاقب بها الشخص المعنوي، وغايته من ذلك حسب اعتقادنا هو ردع الأشخاص المعنوية لكي ترتكب هذه الجريمة من جهة ومن جهة أخرى معاقبتها بنقيض قصدها.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن العديد من التشريعات المقارنة، يعاقب على المحاولة في جريمة غسل الأموال بنفس العقوبة المقررة لهذه الجريمة إذا ما وقعت في صورتها التامة[51].
ثانيا:العقوبات الإضافية
بالرجوع إلى الفصل 5-554 من القانون 05-43، يتضح لنا أن المشرع المغربي حدد مجموعة من العقوبات الإضافية التي لا يمكن للقاضي أن يصدرها إلا بوجود عقوبة أصلية تتمثل في الحبس و الغرامة المالية، وعليه فإن العقوبات الإضافية تتمثل فيما يلي:
- المصادرة:تعتبر المصادرة من العقوبات التي يهدف من خلالها المشرع إلى تفويت الغرض الحقيقي من وراء نشاط غسل الأموال المتمثل في الحصول على عائدات غير مشروعة، وفي إطار قانون مكافحة غسل الأموال أصبحت المصادرة إلزامية خلافا للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة الجنائية، فقد أقر الفصل 5-574 في الفقرة الأولى مبدأ إلزامية الحكم بهذه العقوبة الإضافية في حالة الإدانة.
والمصادرة قبل صدور القانون رقم 5-43 كانت عقوبة إضافية وأحيانا تدبير وقائي عيني، ولعل ما يدل على ذلك هو ما جاء في قرار عدد 2728/28 الصادر بتاريخ 12/10/2000 في الملف الجنائي عدد99/26651 جاء فيه ما يلي:
“تعتبر المصادرة أمرا بنقل ملكية بعض الأشياء أو الأموال إلى الدولة وهي قد تكون عقوبة إضافية وقد تكون تدبيرا عينيا….”[52]
وفي إطار الحديث عن المصادرة ينبغي الإشارة إلى أن المشرع المغربي، قد حسم النقاش الذي كان قائما بخصوص إمكانية مصادرة العقارات الناتجة عن الأموال غير المشروعة، وذلك من خلال تأكيده على أن الأموال المشمولة بالمصادرة تضم العقارات إلى جانب المنقولات و المبالغ المالية، وكذا العقود القانونية و الوثائق التي تتبث ملكية أو الحقوق المرتبطة بها الناتجة عن الأموال غير المشروعة.
وقد صدر بتاريخ 22 يناير 2003، قرار عن الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى سابقا(محكمة النقض) بخصوص مسألة المصادرة وينسجم هذا القرار مع اتفاقية فيينا لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية لسنة 1988[53].
وإذا كانت المصادرة أصبحت تتسم بالإلزامية فإن العقوبات الإضافية الأخرى جعل المشرع أمر توقيعها داخل في إطار السلطة التقديرية لقاضي الموضوع وهي كالآتي:
- حل الشخص المعنوي:يتمثل هذا الإجراء في حل الشخص المعنوي وما يتبعه من إجراءات المتعلقة بمنعه من مواصلة نشاطه الاجتماعي، ولو تحت اسم أخر وبإشراف مدير أو مسير أو متصرفين أخرين، ويترتب عن الحل تصفية أموال وأملاك الشخص المعنوي.
وتبعا لذلك فإن القانون المتعلق بمكافحة غسيل الأموال، قرر عقوبة حل الشخص المعنوي عندما تكون الأموال التي يستعملها هذا الشخص متحصلة من إحدى الجرائم الأصلية التي يترتب عنها جريمة غسل الأموال.
- نشر المقررات المكتسبة لقوة الشيء المقضي به الصادرة بالإدانة بواسطة جميع الوسائل الملائمة على نفقة المحكوم عليه:تبرز الغاية من هذه العقوبة في كونها تؤدي إلى المس بسمعة و شرف و ثقة الجمهور في مرتكب الفعل الإجرامي، ومعرفته من طرف عدد كافي من الأفراد، ويتم النشر بطرق متعددة كالنشر في الصحف أو التعليق في أماكن معينة تحددها المحكمة.
- الحرمان المؤقت أو النهائي من مزاولة بعض الأنشطة:أي منع الشخص بصفة مباشرة أو غير مباشرة من مزاولة واحدة أو أكثر من المهن أو الأنشطة أو الفنون التي ارتكبت الجريمة أتناء مزاولتها[54] ، فلا شك أن ارتكاب جريمة غسل الأموال أثناء مباشرة أو ممارسة مهنة أو نشاط معين يتضمن إخلالا بالواجبات التي يفرضها القانون أو تفرضها أصول المهنة المتعارف عليها، وبالتالي فحرمان الجاني من ممارسة مهنته التي أساء استعمالها، إنما هو حماية لهذه المهنة من أن تصبح ستارا لعملية غسل الأموال، ويبقى ذلك خاضعا للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع[55].
الفقرة الثانية: الظروف المؤثرة في تحديد العقوبة
بعد استقراء قانون مكافحة غسل الأموال يتبين لنا أنه يتضمن العديد من القواعد القانونية التي تمثل ظرفا مشددا(أولا) أو مخففا للعقوبة المقررة(ثانيا)، فالمشرع يحدد العقوبة على أساس جسامة الضرر الذي تحدثه جريمة غسل الأموال، غير أنه أحيانا تتحقق بعض الظروف التي تكون مرتبطة إما بالجاني أو بالجرم المرتكب، وتستدعي تخفيف أو إعفاء أو تشديد العقوبة حسب الأحوال
أولا:اقتران العقوبة بظروف التشديد
بعد أن قرر المشرع المغربي بالنسبة لجريمة غسل الأموال عقوبة أصلية في الفصل 3-574 من قانون مكافحة غسل الأموال، تطبق على الأشخاص الذاتيين أو المعنويين في عمليات غسل الأموال، تبنى نظاما مشددا للعقوبة ترفع بموجبه العقوبة الحبس و الغرامة إلى الضعف، إذا ما اقترنت جريمة غسل الأموال بأحد الظروف المشار إليها في المادة 4-574 من قانون مكافحة غسل الأموال[56] وهذه الظروف هي:
ü عندما ترتكب الجرائم باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني: تتعلق هذه الحالة حينما يرتكب جريمة غسل الأموال شخص ما،مستفيدا من المزايا التي تخولها له مهنته، كما هو الشأن بالنسبة لخبراء المال و المصارف وخبراء المعلوميات في حالة غسل الأموال بالطرق الإلكترونية، وكذلك خبراء القانون الذين يساعدون غاسلو المال في الكشف عن الثغرات القانونية و استغلالها لصالحهم.
ü عندما يتعاطى الشخص بصفة اعتيادية لعمليات غسل الأموال:اتسم موقف المشرع المغربي بالصرامة في هذه الحالة، نظرا للتجربة التي يكتسبها مقترف عمليات غسل الأموال بصفة اعتيادية ويجعله ذلك ملما بتفاصيلها و تغراتها، مما يجعل ضبطه و إيقافه من طرف الأجهزة المكلفة بمكافحة غسل الأموال أمرا صعبا، وبالتالي فإن هذا الصنف من المجرمين تزداد خطورته، وتصبح الجريمة التي يرتكبها أشد تعقيدا[57].
ü عندما ترتكب الجريمة في إطار عصابة إجرامية منظمة:هنا تبرز أيضا مدى خطورة الجريمة التي يسعى المشرع إلى محاربتها عندما ترتكب في إطار جماعي، فقد أثبتت الأبحاث و الدراسات التي أجريت في هذا الشأن وجود علاقة وثيقة بين غسل الأموال و حركات الإرهاب و التطرف و العنف، مما قد يؤدي إلى عدم استقرار دول العالم، وبالتالي متى ما كنا أمام عصابة إجرامية منظمة إلا ووجب تطبيق عليها ظروف التشديد[58].
ü حالة العود:عرف المشرع المغربي حالة العود من خلال الفصل4-574 من قانون مكافحة غسل الأموال بقوله“ ويوجد في حالة العود من ارتكب الجريمة داخل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 1-574 أعلاه.”
ثانيا:الأعذار المعفية والمخفضة من العقوبة
لقد أشار المشرع المغربي لظروف التخفيف و الإعفاء في الفصل 7-574 من قانون مكافحة غسل الأموال[59]، وأشار إلى أنه يستفيد من الأعذار المعفية الفاعل أو المساهم أو المشارك الذي يبلغ السلطات المختصة قبل علمها بالأفعال المكونة لمحاولة ارتكاب جريمة غسل الأموال، وتخفض العقوبة إلى النصف إذا تم التبليغ بعد ارتكاب الجريمة.
وسنتناول ذلك وفقا لما يلي:
ü الإبلاغ قبل ارتكاب الجريمة:فالإبلاغ هنا يعتبر مانعا من موانع العقاب على جريمة غسل الأموال، وعليه فإنه من وسائل السياسة الجنائية الحديثة لمكافحة مثل هذا النوع من الجرائم، تقرير مكافأة للجاني المساهم في إحدى العصابات وذلك بإعفائه من العقاب متى ما بادر إلى تبليغ السلطات بالجريمة ، وذلك تشجيعا للجناة على الإبلاغ بالجرائم، وبالتالي العمل على اختراق صفوف تلك الجماعات الإجرامية بهدف إحباط أنشطتها و ملاحقة أعضائها[60]، والمشرع المغربي اشترط شرطين للإعفاء العقاب عن جريمة غسل الأموال وهما:
– أن يبادر الجاني إلى إبلاغ السلطات المختصة بالجريمة قبل العلم بها، وفي هذه الحالة يكون الجاني قد قدم خدمة للمجتمع بالكشف عن الجريمة ويستحق بالتالي الإعفاء من العقاب.
– أن يتم الإبلاغ عن الأفعال المكونة لمحاولة ارتكاب جريمة غسل الأموال، أي أن يتم إبلاغ السلطات المختصة قبل تحقق النتيجة الإجرامية و اتخاد جريمة غسل الأموال صورتها التامة.
الإبلاغ بعد ارتكاب الجريمة:إن جزاء الشخص الذي يقوم بالإبلاغ عن الجريمة بعد ارتكابها هو التخفيض من العقوبة وفقا للمادة 7-574 من قانون مكافحة جريمة غسل الأموال، والتي جاء فيها” تخفض العقوبة إلى النصف، إذا تم التبليغ بعد ارتكاب الجريمة”.، وبالتالي فإن التبليغ عن الجريمة بعد ارتكابها لا يعد مانعا من موانع العقاب، وإنما ظرف تخفيف يخفض العقوبة إلى النصف.
خاتــــــــــــــــــــمة:
و كخلاصة لما سبق، إنه لا يكفي سن قوانين لمحاربة ظاهرة ما ، بل يجب أن تتوفر الارادة لتطويقها ، فحينما يتعلق الأمر بجريمة ، كجريمة غسل الأموال ، تحمل خصوصيات عديدة، تجعل تطويقها أمرا صعبا جدا ، خاصة إذا استحضرنا البعد الدولي لهذه الجريمة و تشتتها على أكثر من إقليم دولة ، وتجددها باستمرار واستمرار المستجدات التقنية حتى أصبحنا نسمع عن ما أصبح يعرف بالغسيل الرقمي .
لكن يبقى أكبر تحدي هو المصلحة الوطنية للدول لأنها بحاجة إلى تمويل الاستثمار لمواجهة تحديات التنمية، فالدول الغربية وعلى رأسها سويسرا تقوم بالتغاضي عن مصدر تلك الأموال لتنشيط اقتصادها وضمان تدفق رؤوس الأموال ضدا على كل الاتفاقيات الدولية، والمغرب لا يخرج عن هذا الإطار فالدولة محتاجة إلى تقوية الاستثمارات وبالتالي يتم استبعاد مساءلة أي مستثمر عن مصدر أمواله وما يلاحظ انه لا يتم القيام بالتصريح بالاشتباه وتشديد المراقبة إلا في حالة الاشتباه بكون الأمر يتعلق بجريمة إرهابية.
وأخيرا نأمل أن نكون قد أوفينا الموضوع ما يستحقه من البحث و الدراسة، ونعتذر للقارئ الكريم عما قد يجده من تقصير أو خلل، فما العصمة إلا لله وحده،جل تعالى عن كل عيب ونقص، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العا
[1] بدر الدين خلاف، جريمة تبييض الأموال في التشريع الجزائري، دراسة مقارنة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق و العلوم السياسية، الموسم الجامعي 2010-2011، الصفحة 3
[2] بإطلالتنا على قانون مكافحة غسل الأموال، نجد أن المشرع المغربي لم يعرف جريمة غسل الأموال، ولكنه بالمقابل قام بتعداد بعض الأفعال التي تكون جريمة غسل الأموال.
[3] هدي حامد قشقوش، جريمة غسل الأموال في نطاق التعاون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة 2003، الصفحة 18 و مابعدها.
[4] ظهير شريف رقم 1.07.79 صادر في 28 من ربيع الأول 1428 (17أبريل2007) بتنفيذ القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الجريدة الرسمية عدد 5522 بتاريخ 14 ربيع الأخر 1428، (3 ماي 2007)، الصفحة 1359، والمغير والمتمم بمقتضى:
- القانون رقم 19,14 المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.151 بتاريخ 21 ذي القعدة 1437 ( 25 أغسطس 2016)، الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437، (19سبتمبر2016)، الصفحة 6681.
- القانون رقم 145.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.54 بتاريخ 21 من جمادى الآخرة 1434(2 ماي 2013)، الجريدة الرسمية عدد 6148 بتاريخ 21 جمادى الآخرة 1434 (2 ماي 2013)،ص 3614.
- الظهير الشريف رقم 1.11.02 صادر في 15 من صفر 1432(20 يناير2011)، بتنفيذ القانون رقم 13.10 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 1.59.413 بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1382(26 نوفمبر 1969)، والقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.255، بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.07.79 بتاريخ 28 من من ربيع الأول 1428 (17 أبريل 2007)؛ الجريدة الرسمية عدد 5911 بتاريخ 19 صفر 1432 (24 يناير 2011)، ص196.
[5] انظر في معرض حديثنا عن خصائص جريمة غسل الأموال
[6] انظر في هذا الشأن:
– خالد كردودي، جريمة غسل الأموال في التشريع المغربي و المقارن، الطبعة الأولى 2008،الصفحة 28
[7] كما هو الشأن بالنسبة للتشريع الكويتي، بحيث نص المشرع الكويتي في المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 2002، بأنه”عملية غسل الأموال هي عملية أو مجموعة من العمليات المالية أو غير المالية التي تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة وإظهارها في صورة أموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع ويعتبر من قبيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل أموال أو عائدات بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جريمة أو إخفاء أو تمويه مصدرها”
[8] وهو نفس النهج التي اتبعه المشرع المصري،من خلال القانون رقم 80 لسنة 2002، والمعدل بقانون رقم 78 لسنة 2003، ولقد عرف هذا القانون جريمة غسل الأموال في المادة الأولى فقرة ب، بكونها“كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب بقيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 2 مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانها أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص مرتكب الجريمة.
وكذلك التشريع الإماراتي، بحيث عرف المشرع الإماراتي جريمة غسل الأموال من خلال المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2002 بأنها”عمل ينطوي على نقل أو إيداع أموال أو إخفاء أو تمويه حقيقة تلك الأموال المتحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في البند 2 من المادة 2 من القانون الاتحادي.
[9] والذي جاء فيه بأنه” يسري التعريف الوارد في الفصل 1-574 أعلاه على الجرائم التالية ولو ارتكبت خارج المغرب:
الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية؛
الاتجار في البشر؛
تهريب المهاجرين؛
الاتجار غير المشروع في الأسلحة والذخيرة؛
الرشوة والغدر واستغلال النفوذ واختلاس الأموال العامة والخاصة؛
الجرائم الإرهابية؛
تزوير أو تزييف النقود وسندات القروض العمومية ووسائل الأداء الأخرى؛
الانتماء إلى عصابة منظمة أنشئت أو وجدت للقيام بإعداد أو ارتكاب فعل إرهابي أو أفعال إرهابية؛
الاستغلال الجنسي؛
إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة؛
خيانة الأمانة؛
النصب؛
الجرائم التي تمس بالملكية الصناعية؛
الجرائم التي تمس بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة؛
الجرائم المرتكبة ضد البيئة؛
القتل العمدي أو العنف أو الإيذاء العمدي؛
الاختطاف والاحتجاز وأخد الرهائن؛
السرقة وانتزاع الأموال؛
تهريب البضائع؛
الغش في البضائع وفي المواد الغذائية؛
التزييف والتزوير وانتحال الوظائف أو الألقاب أو الأسماء أو استعمالها بدون حق؛
تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال؛
الحصول أثناء مزاولة مهنة أو القيام بمهمة على معلومات متميزة واستخدامها لإنجاز عملية أو أكثر في السوق؛
المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
[10] وهو نفس النهج الذي اتبعه المشرع الألماني، من خلال المادة 261 من قانون العقوبات الألماني، والتي تعاقب على جريمة غسل الأموال، سواء كانت الأموال أو الممتلكات المحصلة من عمل غير مشروع وقع داخل البلاد أو خارجها.
[11] محمد السباعي، الجرائم المالية من خلال قرارات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السابعة، وجدة دار الطالبة 31 ماي 2007، الصفحة 279
[12] انظر في هذا الشأن:
خالد كردودي،مرجع سابق، الصفحة37
[13] محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي، مطبعة مرجان مكناس، الطبعة الثانية 2016، الصفحة 231.
[14] من خلال تفحص ظاهر نص اتفاقية فيينا لسنة 1988، يتبن لنا أن الركن المادي-حسب هذه الاتفاقية- لجريمة تبييض الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات يمكن أن يكون في صورتين:
– إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال وذلك بالتصريح الكاذب لمكانها أو مصدرها أو التصرف فيها أو التهرب من الحقوق المتعلقة بها، أو تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من أحد الأعمال الواردة بالمادة الثانية للاتفاقية
– استغلال الأموال غير المشروعة
[15] خالد كردودي، مرجع سابق، الصفحة 21
[16] عباس أبو شامة عبد الحميد، عولمة الجريمة الاقتصادية جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض 2007، الصفحة 38
[17] أحمد المهدي و أشرف الشافعي، المواجهة الجنائية لجرائم غسل الأموال، الطبعة الثانية2006، دار العدالة، القاهرة، الصفحة 21.
[18] خالد كردودي، مرجع سابق، الصفحة 23
[19] جلال محمدين، دور البنوك في مكافحة غسيل الأموال، دار الجامعة الجديدة للنشر2004، الصفحة 25.
[20] ومن هذه الطرق نجد:
– إيداع النقود القذرة في حسابات بنكية
– تغيير النقود إلى عملات أجنبية
– تحوبل النقود إلى دولة أخرى عن طريق البنك
انظر:
– عبد الوهاب عرفة، الشامل في جريمة غسل الأموال، الناشر المكتب الفني للموسوعات القانونية، دون ذكر الطبعة، الصفحة 27
[21] صلاح الدين حسين السيسي، القطاع المصرفي و غسيل الأموال، عالم الكتب 2003، الصفحة 151،152.
[22] عبد الوهاب عرفة، مرجع سابق، الصفحة28
[23] دليلة مباركي، غسيل الأموال، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الجنائي2007_2008، جامعة باتنة، الجزائر، الصفحة19
[24] خيالي حسن، جريمة غسل الأموال، مقال منشور بموقع، marocdroit com.www، تم الإطلاع يوم2020-11-13، على الساعة 16:22
[25] خيالي حسن، مرجع سابق
[26] أحمد بن محمد العمري،جريمة غسل الأموال،مكتبة العبيكات، طبعة 2000 الصفحة 206
[27] حامد عبد اللطيف عبد الرحمان، جريمة غسل الأموال وسبل مكافحتها، رسالة لنيل درجة الماجيستر في العلوم الجنائية والشرطية، كلية تدريب الضباط، الأكاديمية الملكية للشرطة، الموسم الجامعي 2012-2013 ،الصفحة 80
[28] خيالي حسن، مرجع سابق
[29] مفيد نايم الدليمي، غسل الأموال في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، 2006، دار الثقافة، عمان، الصفحة 22
[30] محمد يحيا، قانون مكافحة غسل الأموال رقم 05-43 وآثاره الاقتصادية الأبعاد والمضامين، محاولة نقدية، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد47، 2007، الصفحة 77
[31] انظر في هذا الشأن:
– محمد نايف الديلمي، غسل الأموال في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى،2006، دار التقافة، عمان، الصفحة 43
[32] عبد الوهاب عرفة، مرجع سابق، الصفحة 25
[33] عبد الفتاح يومي حجازي، جريمة غسل الأموال بين الوساطة الإلكترونية و نصوص التشريع، الطبعة الأولى، 2005، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية مصر، الصفحة 77
[34] خيالي حسن، مرجع سابق
[35] الدخل القومي لبلد ما هو مجموع العوائد التي يحصل عليها أصحاب عناصر الإنتاج من المواطنين، مقابل استخدام هذه العناصر في إنتاج السلع و الخدمات سواء داخل البلد أو خارجه، خلال فترة معينة من الزمن، وتكون عادة خلال سنة
انظر:
– صبحي تادرس قريصة و عبد الرحمان يسري أحمد، مقدمة في الاقتصاد، دار الجامعات المصرية1971، الصفحة 331
[36] صلاح الدين حسن السيسي، غسل الأموال، الجريمة التي تهدد استقرار الاقتصاد الدولي، دار الفكر العربي، القاهرة2004، الصفحة 180
[37] صلاح الدين حسن السيسي، غسل الأموال، الجريمة التي تهدد استقرار الاقتصاد الدولي، مرجع سابق، الصفحة 181
[38] أحمد فتحي سرور، بعض التدابير للمحافظة على الأموال العامة، مجلة القانون و الاقتصاد، العدد4، 1967، الصفحة 116
[39] صلاح الدين حسن السيسي، غسل الأموال ، الجريمة التي تهدد استقرار الاقتصاد الدولي، مرجع سابق، الصفحة 182
[40] أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، الصفحة 125
[41] أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، الصفحة 128
[42] حامد عبد اللطيف عبد الرحمان، مرجع سابق، الصفحة 29
[43] نادر عبد العزيزشافي،ماجيستر في قانون الأعمال، تبييض الأموال(دراسة مقاارنة)، تقديم غسان رباح، منشورات الحلبى(بيروث)، الصفحة 195
[44] نادر عبد العزيز الشافي، مرجع سابق، الصفحة 2-4
[45] غادة عماد الشربيني، المسؤولية الجنائية عن الأعمال البنكية، دراسة مقارنة، دار أبو المجد للطباعة بالهرم ، الطبعة 1999،الصفحة534
[46] نعيم مغبغب، تهريب الأموال المصرفية أمام القضاء الجزائري، دار الفكر العربي1986، الصفحة 142
[47] محمد محيي الدين عوض، جرائم غسل الأموال،الطبعة الأولى، الرياض2004، الصفحة 86
[48]محمد محيي الدين عوض، مرجع سابق، الصفحة 76
[49] انظر:
– المادة 3-574 من قانون مكافحة غسل الأموال
[50] الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون المصري رقم 80 لسنة 2002، والمعدل بالقانون رقم 78 لسنة 2003 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.
[51] عادل عشيبة، ظاهرة غسل الأموال وآليات مكافحتها، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الأعمال،جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق المحمدية2012-2013، الصفحة 80
[52] قرار أشار إليه أحمد بوطرف، جريمة غسل الأموال في القانون المغربي و المقارن، رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون الأعمال،جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق المحمدية2007-2008، الصفحة 76
[53] “حيث يتجلى من تنصيصات القرار المطعون فيه و كذا من منطوقه أنه من جملة ما قضى به مصادرة الممتلكات العقارية للطاعن-باستثناء دار سكناه- لفائدة الدولة، والحال أن الفصل القانوني لا يتضمن مصادرة العقارات، وأنه لا يسوغ قانونا و لا يحق للقضاء اعتبار الآثار المالية و العقارية الظاهرة على شخص متهم ارتفع مستواه المالي دليل على ما سبق أن ما حصل عليه من أموال مرده إلى فعل جرمي ناتج عن ترويج المخدرات……الشيء الذي حصل عكسه في هذه النازلة حيث صرحت المحكمة بمصادرة أموال الطاعن لمجرد الشك و التخمين بكون ما حصل عليه من أموال يستبعد واقعيا أن تكون تلك الأموال الهامة من مصادر مشروعة، وعليه فإن القرار المطعون فيه لما صدر على النحو المذكور أعلاه جاء معيبا بخرقه لأحكام الفصل 11 من ظهير 21 ماي 1974 و الفصل 89 من القانون الجنائي “، قرار أشار إليه أحمد بوطرف،مرجع سابق، الصفحة 77
[54] أنظر المادة 5-574، من قانون مكافحة غسل الأموال
[55] عادل عشيبة، مرجع سابق، الصفحة 83
[56] جاء في هذه المادة ما يلي:
ترفع عقوبات الحبس والغرامة إلى الضعف:
عندما ترتكب الجرائم باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني؛
عندما يتعاطى الشخص بصفة اعتيادية لعمليات غسل الأموال؛
عندما ترتكب الجرائم في إطار عصابة إجرامية منظمة؛
في حالة العود.
ويوجد في حالة العود من ارتكب الجريمة داخل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 1-574 أعلاه.
[57] يونس الشدلي، جريمة غسل الأموال في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون المقاولة، جامعة الحسن الثاني،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية المحمدية، الموسم الجامعي 2012-2013، الصفحة 68
[58] عادل عشيبة، مرجع سابق، الصفحة 85
[59] والذي جاء فيه” يستفيد من الأعذار المعفية، وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول من 143 إلى 145 من مجموعة القانون الجنائي، الفاعل أو المساهم أو المشارك الذي يبلغ للسلطات المختصة، قبل علمها عن الأفعال المكونة لمحاولة ارتكاب جريمة غسل الأموال.
تخفض العقوبة إلى النصف، إذا تم التبليغ بعد ارتكاب الجريمة.
[60] شرف سيد كامل، مكافحة جرائم غسل الأموال في التشريع المصري، الطبعة الأولى، دار النهضة الإسكندرية2005،الصفحة 160