في زمن جائحة كورونا-كوفيد 19 يعيش المواطن المغربي بين مطرقة الفيروس والصعوبات الاقتصادية وسندان القرارات الارتجالية وألغام الآجال الاعتباطية، فقد فاجأت إدارة الضرائب الملزمين بتاريخ يومه 30 يونيو 2020 ببيان آخر مبطن في الدقيقة التسعين -كما يقال- لا يحمل تاريخ صدوره، بلاغ ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.
هذا البيان مشابه لسابقيه الصادرين، الأول المتعلق لإعلان بتمديد أجل لإيداع التصريحات المذكورة التي لها ارتباط بتاريخ 31 مارس 2020 إلى شهر يونيو من نفس السنة في ما يخص الشركات التي يقل رقم معاملاتها عن 20 مليون درهم الذي جاء شاملا لجميع التصريحات التي تودع في 31 مارس، والذي تم استداركه بمقتضى بيان ثان يتضمن استثناء التصريحات الضريبية على القيمة المضافة والضريبة على الدخل للأجر من المنبع لشهر فبراير 2020 الذي يتم إيداعهما كذلك قبل متم مارس 2020. والملاحظ أن لجنة اليقظة لم تلتفت لوضعية الملزم في زمن الطوارئ، وأن الآجال التي اتخذتها تتناقض وغير مطابقة مع مرسوم قانون رقم 292.20. 2 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها وقع تمديده إلى غاية 11 يوليوز 2020، إذ كان من الأفضل الالتزام بنص وحيد وبآجال واضحة طبقا لقانون الطوارئ الصحية.
وأعلنت المديرية العامة للضرائب أن المقاولات التي تحقق رقم معاملات أقل من 20 مليون درهم يمكنها الاستفادة من تأجيل أداء الضريبة على الشركات إلى غاية 30 شتنبر المقبل؛ بشرط وضع التصريحات الضريبية الخاصة بها في 30 يونيو الحالي، الأمر الذي ينتجه عنه أن عدم وضع التصريحات يجعل الملزمين معرضين لا محالة للجزاءات المترتبة على إيداع التصريحات خارج الأجل المحدد.
كان من المفروض أن لجنة اليقظة وفي إطار الفعالية المتطلبة أن تقوم بتمديد مهلة إيداع التصريحات والأداءات إلى آجال تتطابق مع مرسوم القاضي بفرض حالة الطوارئ كما وقع تعديله أي إلى تاريخ 11 يوليوز 2020 وأن تصدر بيان التمديد في وقت سابق وليس حتى تاريخ انتهاء أجل إيداع التصريحات.
علما أن المادة السادسة من مرسوم قانون رقم 292.20. 2 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 يتعلق المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، التي نص فيها المشرع على أنه: “يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الحالي بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة”. هذه المادة التي تبقى الشريعة العامة لجميع الآجال في حالة الطوارئ سواء تلك بالمتعلقة بالطعون وبممارسة الحقوق وبمختلف آجال التقادم والسقوط.. وتجدر الإشارة إلى أن أغلب المقاولات لم تستأنف بعد نشاطها إلا بعد رفع حالة الطوارئ الصحية في 11 يوليوز 2020 وما يتطلبه الوضع من حجج ووثائق لاستكمال التصاريح الضريبية، ضف إلى ذلك أن هناك مقاولات لازالت في الحجر الصحي وهناك مقاولات مستثناة من مباشرة العمل لأنها توجد في لائحة المقاولات التي لا يمكنها استئناف العمل.
وإذا كانت هذه المرونة التي تنهجها إدارة الضرائب ولجنة اليقظة مطلوبة مادام الملزم يعيش ظرفا استثنائيا بسبب التوقف الشامل للأنشطة التجارية والخدماتية والصناعية في بلادنا، فإن استراتيجية اللجنة يجب أن تنسجم مع القوانين التي أصدرتها السلطة التشريعية خصوصا مع المادة السادة من مرسوم القانون، وأن لا تتسم بالارتجالية التي تجعل الملزم في حديقة من الألغام تهدد حقوقه.
– فاضيلي الخاميس، محامي